بقلم: كمال فتاح حيدر ..
قال سيدنا إبراهيم : ان الله يحيي ويميت. فقال النمرود: وأنا أحيي وأميت. ثم قال: سوف آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي، فأقتل أحدهما فأكون قد أمته، وأعفو عن الآخر فأتركه وأكون قد أحييته. .
هذا ما يراه الطغاة، وهذا ما سارت عليه السلطات المستبدة في كل زمان ومكان، وعلى هذا النهج الهمجي افرج ملك المغرب قبل أعوام عن آلاف السجناء والمحكومين بالإعدام بمناسبة ذكرى ختان نجله (ولي العهد). فرقصت الجماهير على أنغام الليلة الكبيرة: يا أم المطَّاهر رشي الملح سبع مرات. في مقام الطاهر خشي وقيدي سبع شمعات. يا عريس يا صغير علقة تفوت ولا حد يموت، لابس ومغير وحتشرب مرقة كتكوت. .
قبل بضعة أيام نجحت الكيانات السياسية المتظاهرة بالتضحية من اجل القضية والمتباكية عليها بدموع التماسيح، نجحت بمطاردة كاتب معروف بمواقفه الإنسانية المدافعة عن القضية، فكبلته بالقيود وحاصرته بإجراءاتها التعسفية، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية في بيته. منعته من الكتابة وحرمته من خدمة الإنترنت حتى لا يواصل نشاطاته الكتابية في الذود عن القضية. كانت إقامته القسرية مشروطة بالحضور شخصيا للتوقيع في مركز الشرطة القريب من منزله بمعدل مرة واحدة كل اسبوع، وعلى وجه التحديد يوم الخميس، وان لا يغادر مدينته إلا بموافقة السلطات التنفيذية وتحت أنظار الأجهزة الرقابية. .
وهكذا صارت حياته متوقفة على تسجيل الحضور الأسبوعي من اجل الحصول على موافقة السلطات الحاكمة بتمديد ما تبقى من عمره لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد والتقسيط. فيشعر كل مرة بعد خروجه من مركز الشرطة انه حر طليق، يحق له التنفس واستنشاق هواء بلاده، لكنه وقع من دون أن يدري في دولاب الزمن، فأنكسر مجداف عمره بزحمة الروج، و وقف بيه الزمن يم اليكرهون. .
يذكرني موقفه هذا بعناصر فيلم: ماتريكس أو المصفوفة (The Matrix)، وهو فيلم خيالي من إنتاج عام 1999، يتناول فكرة تدجين الإنسان وإخضاعه للرقابة الدورية، وإدخاله في برنامج (المصفوفة) الماتريكس الذي يجعل البشر يعيشون في قوالب افتراضية مشحونة بالأزمنة الضائعة. .
كلمة اخيرة: نجح الفيزيائيون منذ سنوات في صناعة اول بلورة زمنية تتألف من أنماط متكررة تتشابه في بعض الاتجاهات، ولكن ليس في جميعها. ونجح الفاشلون عندنا في ابتكار ابشع الحلقات الزمنية التعسفية، وتوظيفها في مطاردة اصحاب الضمائر الحية، وتضييق الخناق عليهم. .
ولله في خلقه شؤون