بقلم : يحيى السماوي ..
” كُتِبت القصيدة إثر زيارة سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وتشرّفت بإلقائها يوم الخميس الماضي في افتتاحية مهرجان ملتقى عالم الشعر بدورته الخامسة في النجف الأشرف “
عـديـدُكَ فـي الـخـلــيــقــةِ لا يُـعَـدُّ
جَـمَعـتَ الـمـكـرُمـاتِ وأنـتَ فـردُ
وحُـزتَ الحُســنَـيَـيـن : وصِيُّ طـه
ولِــلأطـهــارِ أنــتَ : أبٌ وجَـــدُّ ..
فَـمَـنْ ـ إلآكَ ـ بـيـنَ الـخـلـقِ شَـقَّـتْ
جِـدارًا كــعــبــةٌ لــيــقــومَ مــهـــدُ ؟
فـلـسـتُ بــمـادحٍ شــمــســًا بـقـولـي
تـفـيـضُ سـنىً فـطـبـعُ الشـمسِ رَفـدُ
فـلا عَــجَــبٌ إذا صَـلَّـتْ حـروفـي
وقـلـبـي فـيـكَ قـبـلَ الـثـغـرِ يـشـدو
فـمـا شَـرفـي بـشـعـري لـيـسَ فـيـهِ
الـى مَــعــنـاكَ يــا مـولايَ قـصــدُ !
فـأنـتَ الـشـمـسُ لكـنْ لا غــروبٌ
وأنــتَ الـحَــدُّ .. لـكـنْ : لا تُـحَــدُّ
ولـيـسَ سـواكَ يـومَ الـحـربِ يُـرجـى
ولــيـسَ ســوى حـســامِـكَ لا يُــرَدُّ
وأنـتَ فـتـى الحـنـيـفِ الـلـيـسَ يُـعـلى
ومُــورِدُ عــزمِــهِ إنْ عــزَّ وِردُ ..
وأنــتَ بَــرودُهُ إنْ شَـــبَّ جــمـــرٌ
وأنــتَ لـهـــيـــبُــهُ إنْ ضــجَّ بَــردُ
وعِــيــدُكَ وحــدَهُ لِــلـظـلــمِ وَعــدٌ
وعــهــدُكَ وحـدَهُ لـلـعــدلِ عــهــدُ
وأنـتَ مـن الــنـجــومِ تــمـامُ بــدرٍ
فـهـلْ مـجـدٌ كـمـا مُـجِّـدتَ مـجـدُ ؟
وُلِـدتَ مُـطَـهَّــرًا فـي خـيـرِ بَـيـتٍ
وخَـيـرُ الـخَـلـقِ مـنـهُ عـلـيـكَ بُـردُ
فـمَـنْ ـ إلآكَ ـ مُـبـغِـضُــهُ كـفـورٌ
وعُـقـبـى عـاشِـقـيـكَ جـنـىً وخُـلـدُ
كـفـاكَ مـن الـشـجـاعـةِ أنـتَ مـنـهـا
كمـا ” حـاءُ ” إذا مـا خُـطَّ ” حَـمـدُ “
كـسيـحُ الـخـطـوِ غـيـرُكَ خـوفَ حَـتفٍ
وأنـتَ كـمـا ســيـولُ الـسـفـحِ تـعـدوُ
وأنـتَ عـلى الـضعـيـفِ الـرِّفـقُ صِـرفـًا
وأنــتَ ـ عـلـى شــدائِــدِهــا ـ الأشَـــدُّ
أبـا الـحـسَــنـيــنِ : شــكـوى فـأطِـمِـيٍّ
تــســاوى عـــنــدَهُ عـــرشٌ ولَــحْــدُ
ولـيْ عـذري إذا عـجـزتْ حـروفـي
وألْـجَـأنـي الى ” الضِّــلِّـيـلِ ” قـصـدُ :(*)
و” لـيـلٍ ” طـالَ حـتـى قـلـتُ : دهـرٌ
وصـبــحٍ غـابَ حـتـى قــلــتُ : وأدُ
أعـاديــنــا لـهــم مِــنّــا عـلــيـــنــا :
يَــدٌ تـســطـو وأخـرى تــســـتَــبِــدُّ
أبـالِـسَـةٌ ـ وإنْ صـلّـوا وصـامـوا ـ
وحَـفَّ بِـرَكـبِـهـمْ حَــرسٌ وجـنــدُ
فـهـمْ فـي الـقـولِ ” حمزةُ أو حُسينٌ ” (**)
وهـم فـي الـفِـعـلِ ” حرملـةٌ وهـنـدُ “
مَـشـيـنـاهـا ومـا كُـتِـبَـتْ عـلـيـنـا (***)
خُـطـىً ما زانـهـا فـي الـمـشيِ رُشــدُ
ومـا دالــتْ بــنــا الــدنــيــا ولــكــنْ
رَبــابِـــنـــةٌ تـــزوغُ ولا نــردُّ .. !
لــهــمْ بـيـن الـدُّجـى والـنـورِ سَــدٌّ
وبـيـنَ صـحـونِـنـا والــزادِ سَــــدُّ
إذا تـشـكو الـسـقـامَ الـصَّعـبَ روحٌ
فـلـيـسَ بـنـافِـعٍ في الــبُــرءِ جِـلـدُ
ولـيـسَ بِـمُـحـرقٍ شمـسًـا لـهـيـبٌ
ولـيـس بِـمـوهِـنِ الأُقـمـارِ سُـهـدُ
ولـيـسَ بـسَـيِّـدٍ مـن ســاسَ قـومًـا
إذا لِـلأجــنــبـيِّ الــوغــدِ عــبــدُ
فـكـلُّ تـبـاعـدٍ فـي الـلـهِ قــربٌ
وكـلُّ تـقـاربٍ فـي الـجـاهِ بُــعْــدُ
تـهَـشَّـمَـتِ الـنـفوسُ فـلا نـفـيـسٌ
ودكَّ صـروحَـنـا شـــتــتٌ وكَــيــدُ
وكم من ” مُلجِـمٍ ” أخفـى حسـامًـا (****)
يـسـيـرُ بـهِ الـى الأبــرارِ حــقــدُ
فـمـنـذ شُـجِـجْـتَ رأسًـا والـبلايـا
عـلى أيـامِــنــا بـالــرُزءِ تــعــدو
تـعـطَّـلـتِ الـكـرامـةُ واسـتـجـارتْ
عـروبـتُـنـا .. وشــلَّ الـعـزمَ قَــيــدُ
فـمـا نـفـعُ الـكـتـائِــبِ دون حـزمٍ
يـســيـرُ بـهـا غـداةَ يـحـيـنُ جِــدُّ
تـأسَّـدتِ الأرانـبُ حـولَ أهـلـي
بـغـزّ/ ةَ واكـتـفـتْ بـالـشـجـبِ أزدُ
تـصـهـيـنـتِ الـعروبـةُ واسـتـجـارتْ
مـن الـســبـيِ الــمُــذِلِ مـهـا ودَعـدُ
فـلا ذُبـيـانُ ذبَّــتْ عـن حِــمـاهــا
ولا قـامــتْ الى بــيــروتَ نــجــدُ
ولا سَــلَّ الـنـخيـلُ الـسَّـعـفَ رُمـحًـا
ولا مـن بــعــدِ جَـزرِ الــنّــيــلِ مَــدُّ
” تـقـاطَـرَتِ الـذئـابُ عـلـى خـراشٍ ” ( *)
فـمـا يـدري خـراشٌ مَـنْ يــصــدُّ
فـيـا جَــبــلَ الـشـهـامــةِ ذا زمـانٌ
رثـى فـيـهِ خـنـوعَ الـسـيـفِ غـمـدُ
أبـا الـحـسـنـيـنِ مـا جـاعـتْ جـمـوعٌ
لــو الـحـادي بـمـا أوصَـيـتَ يـحـدو
إذا جـاعَ الـرغـيـفُ فـأنـتَ قـمـحٌ
وإنْ عـطِـشَ الـنـمـيـرُ فـأنـتَ وِردُ
أتـيـتُـكَ ســيـدي شــيـخًـا عـلـيـلاً
يــغــذُّ بــهِ الـى مَــثـواكَ جـهــدُ
فـكـنْ يـومَ الـوُرودِ شـفـيـعَ صَـبٍّ
بـهِ لــلــقـائِــكَ الــقــدسـيِّ وَجــدُ
(*): إشارة الى بيت امرئ القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
(*) حرملة هو الملعون حرملة بن كاهل ، قاتل طفل الحسين ” ع ” ع ” عبد الله الرضيع . وهند هي الملعونة هند بنت عتبة التي مثّلت بجثة حمزة بن عبد المطلب ” رض ” وأكلت كبده . () تحوير لبيت أبي العلاء المعري : مشيناها خطىً كتبت علينا ومن كتبتْ عليه خطىً مشاها () ملجم : المقصود به الملعون عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
(*) تحوير للبيت المنسوب للحارث بن مُصرّف :
تقاطرتِ الظباء على خراشٍ
فما يدري خراش ما يصيد