بقلم: كمال فتاح حيدر ..
الطلي باللهجة العراقية الدارجة هو: الخروف ويشمل ذلك النعجة، لكنه في الفصحى يعني: الحيوان المربوط بحبل. .
يقال أن خروفا التهم أوراق احد الأدباء فكتب مقالاً ساخراً يتهم فيه ذلك الطلي بمحاربة الفكر. لكنه فوجئ بعد النشر بهجمة شرسة قادها فريق من السياسيين ورجال الدولة يعتقدون انه كان يستهدفهم. فالطليان والخرفان والصخول والتيوس والمعيز (على وجه العموم) يحسبون كل صيحة عليهم، وهذا ما شهدت به سورة (المنافقون). .
فقد يعتلي ظهر الجياد ذباب، ويقود أسراب الصقور غراب، ويسود رجّاف بمحفل قومه، وعليه من حلل النفاق ثياب، وترى الأسافل قد تعالى مجدهم، والحر يُعزل ما لديه صحاب، لكن ما يدمي الفؤاد مرارة. أسود وتنبح فوقهن كلاب. .
ينبغي ان نعترف ان المشكلة ليست في المدير الذي يعمل بدرجة (طلي) وانما بالجهة السياسية التي اختارته لهذا المنصب وهي تعلم انه اطرش بالزفة. لا يحل ولا يربط. فعندما يمنحون شخصا ترقية إدارية لا يستحقها، وهم يعلمون أنه لا يمتلك المؤهلات العلمية ولا الوظيفية، وليست لديه خبرة، فما هي الرسالة التي سوف تترسخ في عقول بقية الموطفين ؟. لا شك انها سوف تكون رسالة تقول: أن لا قيمة بعد الآن للكفاءات، ولا للمهارات، ولا للأداء المميز. وسوف ترتفع مؤشرات النفاق والتزلف، وتنخفض مؤشرات الإبداع والتميز، وتتحول المؤسسات الحكومية الى دكاكين نفعية طاردة لأصحاب المواهب. فالترقية في بعض الشركات ليست تكريماً لمن هو افضل، بل جائزة لمن يجيد الانحناء أمام الإدارة العليا. .
وبالتالي فان الفشل المتراكم هنا وهناك يعزى إلى غياب التوصيف الوظيفي، وغياب القادة الموهوبين. وغياب الرؤية المستقبلية. ففي مثل هذه الظروف يجد الموظف نفسه في عالم يبدو فيه كل شيء خارج المألوف، حيث كل النداءات، وكل التحذيرات تقابلها اللامبالاة، فيدرك أن الوحدة الحقيقية ليست في عزلته وتهميشه، وانما بشعوره بالوحدة في عالم لم يعد له معنى. .
كلمة اخيرة: لن تنجح المحاصصة السياسية في اصلاح ازماتنا المعقدة، لانها سوف تفرض علينا كبشاً كبيرا يقودنا الى حيث نلقى حتفنا. .