بقلم : أياد السماوي …
لا أكره أحدا لكنّي أشعر بالمرارة والألم ..
أكاد أن أجزم أنّ الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي الذين عانوا من الديكتاتورية والتسلّط والقهر والقتل والذّل والتشرّد والحروب العبثية , يشعرون اليوم بالمرارة والألم والخيبة لما وصلوا إليه من فساد وانحطاط وفقدان للأمانة والشرف .. في الأجزاء الثلاثة الماضية استعرضنا وإياكم كيف استطاع حزب البعث المحظور أن يخترق النظام الجديد ويتسلّل إلى كافة مناصب الدولة الحسّاسة المدنية والعسكرية والأمنية ويعود للحكم من خلال اختراق سليل البعث المجرم محمد ريكان حديد الحلبوسي , وأوضحنا كيف استطاع هذا النزق خداع الإيرانيين والعراقيين والوصول إلى رئاسة مجلس النواب العراقي التي جعل منها نقطة انطلاقه لاختراق كافة مؤسسات الدولة وخصوصا المؤسستين الأمنيّة والعسكرية , في ظل قيادة شيعية غبية وفاسدة ومنحرفة .. واستمرارا للمنهج الذي أعلنته بكشف أهم وأخطر الاختراقات لمناصب الدولة العليا , سأتحدّث اليوم إليكم عن واحد من أهمّ هذه الاختراقات لمناصب الدولة العليا التي مهدّت الطريق للاختراق الأخطر والأكبر في تأريخ الدولة العراقية الحديثة .. سنتناول معكم أيّها الأحبة في مقالنا لهذا اليوم قصة اختراق المخابرات البريطانية للقيادي في حزب الدعوة الأسلامية حيدر جواد العبادي وكيف تمّ تجنيده لاحقا من قبل المخابرات الأمريكية , معتمدين بذلك على أوثق المعلومات من جهات قيادية في حزب الدعوة على دراية كاملة بهذا الموضوع .. وقبل البدء في استعراض تفاصيل هذا الاختراق الذي مهدّ للمخابرات الأمريكية تجنيد العبادي ودفعه لقيادة انقلابه على زعيم حزبه غير العميل نوري كامل المالكي بالتعاون مع المكتب السياسي للحزب , حيث كان هذا الانقلاب بداية النهاية لحكم حزب الدعوة في العراق .. ولا بدّ لنا أن نستعرض للرأي العام العراقي كيف ومتى بدأت علاقة حيدر العبادي مع جهاز المخابرات البريطانية ..
وقصّة اختراق المخابرات البريطانية لبعض القياديين من حزب الدعوة في مجموعة لندن , تعود إلى مطلع ثمانينات القرن الماضي عندما كان العبادي هو وموفق الربيعي وآخرين في مجموعة لندن يرافقون المرحوم السيد مهدي الحكيم للتواصل المنتظم مع المخابرات البريطانية للتداول في شؤون المعارضة العراقية لنظام صدّام .. وقد يكون الأمر طبيعيا وذلك لأنّ الدولة التي تستضيف معارضة لنظام دولة أخرى , تتواصل مع ممثلين من تلك المعارضة .. لكنّ الملفت هنا هو أنّ قيادة حزب الدعوة التي كان مركزها طهران لم تعطي مثل هذا التخويل بتمثيل حزب الدعوة لأحد وخاصة السيد مهدي الحكيم الذي لا يستطيع ادعاء تمثيل حزب الدعوة لأنّه ليس عضوا فيه أصلا .. الأمر الذي دفع الحزب لإصدار بيان ينفي فيه هذا التخويل وهذا التمثيل , وقد سبّب ذلك مشكلة كبيرة بين قيادة حزب الدعوة والسيد مهدي الحكيم رحمه الله .. وبالرغم من حسّاسية هذا الموضوع إلا أنّي وجدت نفسي مضطرا للتحدّث فيه للرأي العام العراقي خصوصا أنّ موضوع تجنيد العبادي من قبل المخابرات البريطانية ليس أمرا مخفيّا على زعماء حزب الدعوة .. ولأنّ هذا الاختراق الخطير هو الذي مهدّ الطريق إلى الاختراق الأكبر والأخطر في تأريخ الدولة العراقية الحديثة , أصبح من اللازم والواجب علينا اطلاع الرأي العام والشعب العراقي على تفاصيل هذا الاختراق وكيف سهلّ الطريق لوصول عميل المخابرات الأمريكية مصطفى عبد اللطيف مشتت إلى رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي , ومن ثمّ إلى رئاسة مجلس الوزراء .. في الجزء الخامس من هذا المقال , سنستكمل معكم أيّها الأحبة تفاصيل هذا الاختراق الخطير ..