بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
حتى لا نضيع في التفاصيل لابد من الإشارة الى الموقع الاستراتيجي الذي وهبه الله للعراق. ولسنا مغالين إذا قلنا: لو فكر قادة العراق في العقود الماضية باستثماره في مشاريع النقل العابر لكانت أوضاعنا المالية والاقتصادية والسيادية والأمنية في أبهى صورة، ولتحولت خطوط الشحن العالمية كلها عبر أرض الرافدين، ولكان العراق هو الذي يقود الركب الأممي في مشروع (طريق واحد – حزام واحد).
لكن مصيبتنا تكمن في سلوك أصحاب العقول المشفرة الذين تعالت صيحاتهم برفض الربط السككي بذريعة الحرص على مستقبل الموانئ، فضاع الخيط والعصفور، حيث فقدت موانئنا الحالية هيبتها، وأصبحت أسيرة في قفص الهيئتين (الكمارك والمنافذ)، بينما تدفقت تجارة البلدان الواقعة شرق وشمال العراق نحو ممرات الـ (INSTC) وممرات منظمة الـ (ECO)، من دون المرور بالعراق. وتدفقت تجارة البلدان الواقعة غرب وجنوب العراق نحو مسارات قطار الخليج المرتبطة بميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط من دون المرور بالعراق.
ثم انهالت معاول التعطيل والتأجيل والتسويف فوق رأس المشاريع الترانزيت.
فلا قناة عرضية جافة، ولا قناة طولية جافة، واسدلت الستارة على مشاريع الربط السككي مع دول الجوار الست، وابتعدت خطوط الشحن البحري عن موانئنا، واصبح مستقبل الموانئ العراقية مشتتاً بين محاولة وزارة النفط للاستحواذ على أرصفة خور الزبير والغاز السائل والمنصات البحرية، وبين محاولات هيئة المنافذ للاستحواذ على موانئ أم قصر وتهميش دورها.
وهكذا تحولنا بأيدينا الى دولة فرضت الحصار على نفسها، وأغلقت نوافذها مع العالم.
ورحم الله شاعر الروميات عندما قال:-
لعمرك ما الأبصارُ تنفعُ أهلَها
إذا لم يكنْ للمُبْصِرينَ بَصَائرُ