بقلم : أياد السماوي ..
كنت ولا زلت أردّد في كلّ كتاباتي ولقاءاتي على القنوات الفضائية أن الأحزاب السياسية التي تحكم بقبضتها على إدارة البلد , هي عصابات مجرمة ومنظّمة سطت على مقاليد الحكم في العراق وامتلكت المال والسلاح وكلّ أسباب القوّة الذي تمّكنها من بسط وفرض سطوتها على مؤسسات الدولة والمجتمع .. وقادة هذه الأحزاب هم لصوص محترفون وأفّاقون ومخادعون ومراغون ونصّابون وكذّابون وغشّاشون وماكرون ومنافقون , بل هم السوء كلّه والبلاء والسخط الذي حلّ على هذا الشعب المسكين .. ولا فرق في السوء بين معممهم وأفنديهم , وبين إسلاميهم وعلمانيهم , فهم جميعا منحطّون وقذرون ولا يخافون الله في عباده أبدا .. هذه هي قناعتي بهذه الطبقة السياسية الفاسدة والمفسدة التي ابتلانا الله بها وابتلاهم بنا .. كان من المفترض أن نستكمل وإياكم الجزء الخامس من مقالنا ( أخطر الاختراقات لمناصب الدولة العليا ) , لكنّ الأحداث السياسية المتسارعة التي تنذر بما لا يحمد عقباه هي التي فرضت علينا تأجيل الكتابة في سلسلة مقالاتنا عن أخطر الاختراقات في مناصب الدولة العليا .. فها هي الفوضى التي تنبّأ بها السياسي الفذ ( عزّت الشابندر ) قد لاحت ملامحها في الأفق ويبدو أنّها القدر الذي لا مفرّ منه , فنبوءة الشابندر التي قالها في الثامن من حزيران من العام الماضي ( إذا كان عهد السيد عادل عبد المهدي هو آخر عهود الشيعة بعد 2003 حيث حفر زعماء تغانم السلطة قبورهم بأيديهم , فإنّ أخشى ما أخشاه أن يكون السيد الكاظمي آخر رئيس وزراء قبل الفوضى ) .. وعلى الشعب العراقي التهيؤ للفوضى العارمة والشاملة التي ستحرق البلد وتدمرّه , بسبب مؤامرة تأجيل الانتخابات النيابية المبكرّة التي يقودها رئيس الوزراء بالاتفاق مع بعض الكتل السياسية التي ترى في وجودها الحالي في الحكومة أفضل ألف مرة من أيّ انتخابات هي تعلم جيدا أنّ نتائجها لن تأتي لها بعشر معشار من المغانم التي بحوزتها الآن .. فالواثق من نفسه أنّه سيأتي بمائة مقعد في الانتخابات القادمة وسيشّكل الحكومة القادمة , من المفترض أن يكون أول الرافضين لفكرة تأجيل الانتخابات تحت أيّ مبرّر , لا أن يتآمر مع الكاظمي وفريقه الأمريكي على تأجيل الانتخابات .. بالرغم من ملاحظاتنا على نزاهة وشّفافية هذه الانتخابات ..
إنّ الدعوّة للانتخابات المبكرّة التي دعت لها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بعد التظاهرات والأحداث الدامية التي اجتاحت بغداد وجميع محافظات الفرات الأوسط وجنوب العراق , والتي أدّت إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي , لم تكن منّة من حكومة مصطفى الكاظمي أو العصابات التي تشاركه في الحكم والنهب والسرقة , بل هي ثمرة تضحيات ودماء دفع العراقيون ثمنها الباهض .. وهذه الدماء والتضحيات الجسام هي التي جاءت بالكاظمي رئيسا للوزراء , بعد أنّ رفض غبران وغمّان وقشامر الشيعة المكلّف الشريف والنزيه ( محمد توفيق علاوي ) , لا لسبب إلا لأنّه رفض الانحناء لشروط وإملاءات العصابات الناهبة التي أرادت منه أن يكون جسرا للنهب وسرقة المال العام والتي انحنى لها صبي برهم صالح ومرّشح الإدارة الأمريكية مصطفى عبد اللطيف مشتت , مع علم هذه العصابات الناهبة أنّ مؤهلات المشتت لا تؤهله لأن يكون رزاما في دائرة حكومية .. ولتعلم هذه العصابات التي تطالب بتأجيل الانتخابات المبكرّة , أنّ شرعية حكومة الأفّاق الكاظمي هي في إجراء الانتخابات المبكرّة التي دعت لها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف , وعدم إجراء هذه الانتخابات المبكرّة وتهيئة الظروف المناسبة لها , يعني أن حكومة الأفّاقين قد فقدت شرعيتها القانونية والأخلاقية , وإذا كانت حكومة الأفّاقين قد أخفقت في تهيئة الظروف والأجواء المناسبة لإجراء إنتخابات شفّاقة ونزيهة وعادلة وتعمدّت بعدم تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء هذه الانتخابات والانشغال مع الكتل السياسية الفاسدة بالنهب والسرقة وتغانم مناصب الدولة , فإني ادعو الشعب العراقي والمرجعية الدينية العليا التي طالبت بهذه الانتخابات المبكرّة , إلى إقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مؤقتة تقوم بتهيئة الأجواء لانتخابات نزيهة وشّفافة بعيدة عن سطوة السلاح المنفلت وفقدان الأمن والمال الحرام .. فليس من الدين من يرى منكرا ولا يعمل على تغييره .. وليس هنالك منكرا أعظم من حكومة مصطفى الكاظمي .. وإلا فالفوضى العارمة قادمة لا محالة وسيغرق العراق في بحر من الدماء والقتل والتخريب وانتهاك الحرمات ..