بقلم : أياد السماوي…
في الجزئين الرابع والخامس من هذا المقال أوضحنا للرأي العام العراقي كيف ومتى بدأت عملية تجنيد القيادي في حزب الدعوة الأسلامية حيدر جواد العبادي من قبل المخابرات البريطانية في مطلع ثمانينات القرن الماضي عندما كان مرافقا للمرحوم مهدي الحكيم , وأوضحنا أيضا إنّ ارتباط العبادي بالمخابرات البريطانية هو الذي مهدّ الطريق لتجنيده من قبل المخابرات الأمريكية بعد سقوط نظام صدّام وتوّلي حزب الدعوة الإسلامية رئاسة مجلس الوزراء بعد الدكتور أياد علاوي , وأوضحنا للرأي العام دور العميل ( نوفل أبو الشون ) الذي جندّته المخابرات الأمريكية مع عدد من العراقيين اللاجئين في أمريكا , والذي شغل منصب القنصل التجاري في سفارة العراق في أمريكا , في التنسيق بين حيدر العبادي والمخابرات الأمريكية عندما كان العبادي يترّدد باستمرار على أمريكا , والذي أصبح فيما بعد مديرا لمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي .. كما أوضحنا أنّ توّلي العميل حيدر العبادي رئاسة مجلس الوزراء في العراق هي التي مهدّت لأخطر اختراق في تأريخ الدولة العراقية .. ومن الغريب أنّ الجهات الرسمية العراقية التي كانت على دراية تامة بهذه اللقاءات السرّية التي كانت تتم من خلال نوفل أبو الشون , لم يسأل ويستجوب عنها حيدر العبادي , علما أنّ السفارة العراقية في واشنطن كانت ترصد هذه اللقاءات السرية , وكذلك جهاز المخابرات الوطني العراقي الذي كان هو الآخر على دراية تامة .. وهذه اللقاءات السرّية هي التي رسمت مؤامرة الانقلاب على نوري المالكي الذي لم يكن عميلا يوما لأجهزة المخابرات الغربية وإيصال حيدر العبادي إلى رئاسة الوزراء , بعد أن هيأت المخابرات الأمريكية مؤامرة داعش على العراق , وحصول الإدارة الأمريكية على موافقة طهران والنجف على إزاحة نوري المالكي الفائز في الانتخابات ..
في التاسع من شباط عام 2016 , أصدر حيدر العبادي أمرا ديوانيا مريبا يحمل الرقم 65 تمّ بموجبه تعيين ( مصطفى عبد اللطيف الكاظمي ) في جهاز المخابرات الوطني العراقي وتكليفه بمهام وكيل رئيس الجهاز لشؤون العمليات .. وبعد أربعة أشهر وفي حزيران من نفس السنة أحيل رئيس جهاز المخابرات الوطني ( زهير الغرباوي ) إلى التقاعد ليتمّ بعد ذلك تعيين ( مصطفى عبد اللطيف الكاظمي ) رئيسا لجهاز المخابرات بالوكالة .. حينها كانت الأوساط السياسية والأمنية تتسائل عن سر تعيين مصطفى الكاظمي رئيسا لجهاز المخابرات الوطني , في الوقت الذي لم تكن للكاظمي أيّة صلة من قريب أو بعيد بالعمل الأمني أو المخابراتي أو خدم يوما واحدا في حياته في الجيش العراقي , وما هي مؤهلات الكاظمي لتوّلي رئاسة أهم جهاز أمني في الدولة العراقية ؟ بعض مساعدي حيدر العبادي يروجون للخاصة أنّ أمر تعيين الكاظمي رئيسا لجهاز المخابرات قد تمّ بضغط من السيد محمد رضا السيستاني , كاتب هذا المقال تحرّى كثيرا عن صحّة هذه المعلومة التي أخبره بها أحد هؤلاء المساعدين , فوجدها عارية عن الصحّة ولا أساس لها مطلقا .. لكنّ كاتب هذا المقال قد توّصل إلى قناعة مطلقة أنّ تعيين الكاظمي رئيسا لجهاز المخابرات الوطني العراقي قد تمّ بأوامر مباشرة من الإدارة الأمريكية لعميلها حيدر العبادي الذي أصبح رئيسا للوزراء , وبدعم من قادة حزب الدعوة حليم الزهيري وصادق الركابي وطارق نجم .. ومن خلال هذا المنصب الحساس والخطير استطاع الكاظمي الوصول إلى رئاسة الوزراء في العراق بعد إقالة عادل عبد المهدي .. كافة الدلائل تشير إلى إنّ توّلي العبادي رئاسة الوزراء ما هو إلا خطوة نحو توّلي العميل مصطفى عبد اللطيف مشتت وفريقه الأمريكي الإسرائيلي إلى رئاسة الوزراء وسيطرة هذا الفريق على أهم حلقات الدولة العراقية الحسّاسة .. في الجزء القادم سنستعرض معكم كيف نجحت المخابرات الأمريكية من إيصال مصطفى عبد اللطيف مشتت إلى رئاسة الوزراء بمساعدة رئيس الجمهورية برهم صالح ودعم كلّ من حيدر العبادي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر وحليم الزهيري ..