بقلم : أياد السماوي …
ليس هنالك بلد في العالم يمكن فيه لموظف صغير من الدرجة العاشرة أن يقفز إلى رئيس هيئة مستقلّة بدرجة وكيل وزير غير العراق العظيم .. وليس هنالك بلد في العالم يسحق فيه القانون ويداس تحت الحذاء أمام مرأى ومسمع الجميع غير العراق .. ولست مبالغا إذا قلت إنّ ما يجري في العراق من مهزلة , لن يشهد لها البلد مثيلا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة .. ما أريد الحديث عنه هذا اليوم هو الحكم الذي أصدرته محكمة قضاء الموظفين يوم أمس والذي قررت فيه إلغاء قرار مجلس أمناء شبكة الإعلام المرّقم 424 في 5 / 7 / 2020 والقرار التنفيذي الصادر استنادا إليه المرّقم ( 5914 ) في 20 / 7 / 2020 , حيث ألغت محكمة القضاء الإداري بموجب هذا الحكم تعيين الدكتور نبيل جاسم رئيسا لشبكة الإعلام العراقي وإعادة الرئيس الشرعي فضل عباس محسن .. وبالرغم من أنّ قرار محكمة قضاء الموظفين قد أعاد الحق إلى نصابه وسجلّ نصرا مبينا للقضاء العادل والنزيه .. إلا أنّه قد جاء متأخرا جدا , فكان من المفترض أن يتّخذ هذا الحكم قبل عشرة أشهر ليكون درسا لكلّ صغير توّهم إنّه أصبح كبيرا وفوق القانون .. والصغير الذي أعنيه هو رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام ( جعفر محمد ونان ) الذي بدأ مشواره المهني في شبكة الإعلام العراقي صبيا عند رئيس الشبكة محمد عبد الجبار الشبوط .. لكنّ مساوئ القدر التي جاءت بقريبه ( حميد الغزي ) أمينا عاما لمجلس الوزراء ومحمد ريكان الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب , هي التي وضعت هذا الصبي في منصب رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي ..
فبعد أن ابتسم الحظ لهذا الصبي وأصبح في هذا المنصب الذي يحلم أن يصل إليه , أخذه الزهو والغرور وصار يشعر إنّه فوق القانون , فأصدر قراره المرّقم 424 في 5 / 7 / 2020 الذي أقال بموجبه رئيس الشبكة الشرعي فضل عباس محسن بدون أيّ سبب من الأسباب الأربعة التي جاءت في قانون شبكة الإعلام العراقي رقم 26 لسنة 2015 .. والمشكلة أنّ الصبي ( جعفر محمد ونان ) حين أصدر هذا القرار لم يكن هو ومجلسه قد تمّ التصويت عليه من قبل مجلس النواب العراقي , بمعنى أنّ المجلس الذي أقال رئيس الشبكة الشرعي لم يكن شرعيا اصلا .. فهذا الصغير توّهم أنّ كتاب قريبه حميد الغزي بممارسة مجلس الأمناء الجديد لمهام عمله قبل التصويت عليه من قبل مجلس النواب , يجيز له أن يقيل رئيس الشبكة الشرعي ويعيّن شخصا آخر محله .. وهذا ما حصل في إقالة فضل عباس محسن وتعيين الدكتور نبيل جاسم محله .. وقرار محكمة قضاء الموظفين يوم أمس قد أعاد الحّق إلى أصحابه وأنهى مهزلة الصبي جعفر محمد ونان .. وبهذه المناسبة أقول لجعفر محمد ونان ولكلّ صغير توّهم أنّه أصبح كبيرا , لا أحد فوق القانون , ومهما بلغت من منصب , فصورة صبي الشبوط هي الصورة العالقة في ذهن جميع العاملين في شبكة الإعلام العراقي ..