بقلم : أياد السماوي …
قرار القضاء العراقي بغلق كافة التحقيقات المتعلّقة بملّفات فساد وزارة التجارة أبان فترة الوزير السابق ( محمد هاشم العاني ) , قد شّكلّ صدمة قاسية ليس لسير العدالة المتعثرّة والقضاء المتعثر فحسب , بل فتح الباب على مصراعيه لكلّ اللصوص أن انهبوا واسرقوا ما استطعتم وما وقعت عليه أياديكم , فليس هنالك من يحاسبكم أو يزعجكم أو حتى يرّف لكم جفن .. إسرقوا ماشئتم فالمال هو مال الله , والله لم يرسل أو يكلّف أيّ من ملائكته لحراسته .. وكلّ حرّاس المال العام في العراق هم أخوة لكم ولصوص مثلكم .. لا أعلم من الذي أمر بغلق كافة ملّفات فساد لص وزارة التجارة ( محمد هاشم العاني ) الأفسد بين كلّ وزراء التجارة الذين تعاقبوا على إدارة هذه الوزارة الفاسدة , لكنّ مصدر أخبرني أنّ كلّ هذه الملّفات بدون دليل لأنّ العاني ( عتوي مضبوط ) ولم يترك عليه دليلا .. فإذا كان القضاء قد اقتنع أنّ لا دليل يدين هذا الفاسد اللص , فهذه هي الطامة الكبرى .. فليس من المنطق ولا من المعقول أن يقتنع القضاء العراقي ( العادل ) بالتهمّة الموّجهة من قبل لجنة أحمد أبو رغيف سيئة الصيت لأحمد عبد الجليل الساعدي المتعلّقة باستلامه رشوّة من المكلّف لرئاسة الوزراء محمد توفيق علاوي قدرها عشرون ألف دولار بواسطة النائب كاظم الشمري وفي بيت السيد أياد علاوي وبحضوره ويحكم عليه بستة سنوات بناء على اعترافات يعلم بها الجميع أنّها انتزعت تحت التعذيب الشديد , ويحكم بستة سنوات أخرى لاستلامه رشوة من المتّهم بهاء عبد الحسين صاحب شركة كي كارد !!! وأيضا تحت التعذيب لكلا المتّهمين , ولا يقتنع قضائنا بستة وسبعون ملّفا للفساد كلّها موثّقة بالأدلة الدامغة والاعترافات التي تدين هذا الفاسد اللص !!! ..
فإذا كان القضاء العراقي لم يتوّصل لإدانة لصّ وفاسد مثل محمد العاني سرق مئات ملايين الدولارات من المال العام وعليه ستة وسبعون ملّفا للفساد كلّها موجودة بحوزة القضاء وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة النيابية , وينجح بإدانة أحمد الساعدي وبهاء عبد الحسين البريئين كبراءة الذئب من دم يوسف .. ويأمر بغلق جميع ملّفات فساد هذا اللص , فهنا بات من الواجب والضرورة أيضا إعادة النظر بتركة مدحت المحمود الفاسدة , ونحن عندما نقول بعدالة القضاء العراقي ونزاهته , فهذا لا يعني أنّ مؤسسة القضاء العراق ليس فيها فاسد , أو أنّ جميع القضاة هم نزيهون وعادلون ويحكمون بالعدل .. والدليل على ذلك تلك المحكمة التي حكمت على المتّهمين أحمد عبد الجليل الساعدي وبهاء عبد الحسين ظلما وجورا وبهتانا .. وإذا كانت هذه المحكمة مقتنعة بحكمها فلماذا لم تحكم على النائب كاظم الشمري الذي سلّم الرشوة للساعدي في بيت الدكتور أياد علاوي ؟ ولماذا لم يستدعى كلّ من كاظم الشمري وأياد علاوي للشهادة بهذه القضية ؟ .. ها أنا أياد السماوي أتحدّى القضاء الذي حكم على أحمد الساعدي وبهاء المعموري أن يعرض للشعب والرأي العام العراقي تفاصيل هذه القضية .. في الختام أتوّجه لحادي ركب القضاء العراقي الذي وضع أسس المحكمة الاتحادية العليا الجديدة , أن ينتفض لإعلان الثورة على الفساد في مؤسسة القضاء العراقي , أملنا الوحيد المتبّقي في هذا الموج الهادر من الفساد والظلم والانحطاط القيمي والأخلاقي هو في القضاء العراقي وحادي ركبه , فإذا غرق القضاء هو الآخر في هذا الموج الهادر من الفساد , غرقنا جميعا وغرق بلدنا .. وقرار القضاء بغلق جميع ملّفات وزير التجارة السابق محمد العاني هو انتكاسة خطيرة لمسيرة القضاء العراقي ..