بقلم/ سمير داود حنوش …
“غوبلز” هو وزير الدعاية الألماني في زمن هتلر والذي اشتهر عبر التاريخ بمقولته المشهورة “اكذب ؛ ثم اكذب حتى يصدقك الناس”. وهي كلمات تدل على معنى من معاني تبرير الفشل ورسم صورة وردية تجمّل الهزائم والانكسارات على أنها انتصارات وبطولات. ويبدو أن وزارة الكهرباء (الوطنية جداً) ادام الله سالبها وموجبها قد اخذت قول “غوبلز” بالتطبيق قولاً وفعلاً حيث ما أن يبدأ المناخ العراقي بالاعتدال حتى تبدأ تصريحات وتغريدات “غوبلز” (صاحبنا) بوعود تحسين تجهيز الكهرباء في موسم الصيف اللاهب. وهكذا يبدأ “غوبلز” (يسويلنة الشط مرك والزور خواشيك). ومنذ عام ٢٠٠٣ ولغاية كتابة هذه السطور لم تتحسن منظومة الطاقة الكهربائية (الوطنية) ولا ادري لِمَ أطلق عليها تسمية (الوطنية) مع العلم بأنها من أكبر أفعال الخيانات العظمى التي اجرمت بحق المواطن العراقي.
منظومة الكهرباء عندنا أصبحت تحوي مافيات تتحكم بها ابتداءً من أصحاب المولدات الذين تحول بعضهم إلى وحوش كاسرة تتحكم في مصائر العباد وتنهش من قوتهم وصولاً إلى بعض أصحاب القرار الذين لا يريدون أن ينعم المواطن العراقي بالوطنية. وماذا سيبقى له من مطالبات اذا استحصل على هذه النعمة التي هي من ابسط حقوق البشر، وبماذا يفكر لاحقا؟.
أزمة الكهرباء قضية غير قابلة للحل وكارثة ابدية يجري ترحيلها من حكومة إلى أخرى دون حلول وعلى ما يبدو (فالركعة صغيرة والشك جبير) فأطمئنوا أيها الموعودون خيراً بتحسن الكهرباء فالنفق طويل ولا يوجد ضوء في نهاية النفق. اطمئنوا أيها المساكين فالكهرباء ستبقى على ماهي عليه بإنتظار فرج السماء او قرار دولي يخرج من الامم المتحدة يقضي بتحسن (الوطنية) ودون أن يسلم ملف الطاقة إلى خبراء او جهابذة تعهدوا بتصدير الفائض من الطاقة الكهربائية إلى خارج العراق في خدعة كانت أضحوكة او نكتة مْبكية جعلتهم مهزلة للغير.
اتعلم يا وزير (الوطنية) أن وزير الطاقة الياباني انحنى لمدة عشرين دقيقة ندماً واسفاً اعتذاراً للشعب الياباني لانقطاع الكهرباء عشرين دقيقة، فكم من الوقت والزمن يتطلب منك انت ومن سبقك من وزراء الكهرباء الانحناء اعتذاراً للشعب. أما بالنسبة لرئيس الوزراء فأني أوجه له دعوة بأسم اي مواطن فقير معدوم لاستضافته ووزيره (للوطنية) لقضاء ليلة واحدة في اي حي فقير معدوم من أحياء بغداد (والله لتجعلك هذه الليلة اللاهبة تكفر بكل الوطنية يا سيادة رئيس الوزراء). او ادعوك بإصدار أمراً ديوانياً ببرمجة التيار الكهربائي لجميع دوائر ومؤسسات المنطقة الخضراء ومن ضمنها مكاتبك ومكاتب وزرائك وحاشيتهم وقصورهم اسوة بباقي مناطق العراق.
كفى استخفافاً واستهتاراً بعقول الناس، كفى تلويحاً بأنكم تتحكمون بمجانين. الكهرباء سيظل وضعها على ماهو عليه الآن لسبب أن لا أحد يريد إنقاذها.
اصمتوا واسكتوا يا وزارة الكهرباء لا أحد يريد تصريحاتكم ولا أحد بات يتقبل فقاعاتكم الهوائية التي تتلاشى عند قدوم لهيب الصيف، اصمتوا فالصمت من ذهب، ألم تتعلموا أن السكوت خير من الكلام وأن الانجاز هو الذي يتكلم، اصمتوا ولا تجعلوا تصريحاتكم مثال للسخرية.
اما عندما يكذب “غوبلز” ويريد أن يستمر بالكذب فدعوه يكذب فلم يعد يصدقه أحد ولكنه يكذب ليصدق نفسه!.