بقلم : أياد السماوي …
لم يراودني الشّك لحظة واحدة أنّ حكومة مصطفى عبد اللطيف مشتت هي عصابة جائت بها أحزاب سياسية فاسدة وسياسيون لصوص تسلطوا على رقاب هذا الشعب بعد سقوط النظام الديكتاتوري .. كما لم يراودني الشّك أنّ فساد الطبقة السياسية الحاكمة وتوّرط السلطات الدستورية بما فيها السلطة القضائية , هو أحد أهم أسباب هذا الصمت المطبق الذي خيّم على الجميع بما يجري في البلد من عمليات تعذيب ممنهجة وانتهاك للدستور والقانون , ففي الوقت الذي انتظر فيه الرأي العام والشعب العراقي قيام القضاء العراقي بواجباته الدستورية والقانونية , والتحقيق في عمليات القتل تحت التعذيب التي حدثت في البصرة والموصل وبغداد على يد عصابة لجنة الأمر 29 وخلية الصقور بقيادة أحمد أبو رغيف , والقيام بحل لجنة الأمر 29 امتثالا لقرارات اللجنة النيابية المشتركة 148 التي وثّقت عمليات التعذيب الوحشي والانتهاكات الخطيرة للدستور وأوصت بحل هذه اللجنة , يستمرّ القضاء العراقي في صمته المريب المثير للشكوك , وكأنّ البلد خال من القانون والقضاء , وهذا مما دفع بعصابة أحمد أبو رغيف من الاستمرار بانتهاكاتها الخطيرة لحقوق الإنسان و للدستور والقانون , وتزايد أعداد المعتقلين الذين يلقون حتفهم تحت التعذيب على يد جلاوزة أبو رغيف , وحتى من دون اكتراث لتقرير لجنة الأمم المتحدة والتقارير الدولية التي تحدّثت هي الأخرى عن ازدياد حالات التعذيب في العراق بشكل غير مسبوق كما في عهد حكومة مصطفى عبد اللطيف مشتت .. ففي الوقت الذي كان فيه الرأي العام والشعب العراقي ينتظر أن يقوم رئيس الجمهورية برهم صالح باعتباره رمز الدولة وحامي الدستور من الإيعاز للقضاء العراقي بفتح تحقيق عاجل بالأنباء التي تحدّثت عن مقتل العراقي ( نوري مطر مربط حمد ) تحت التعذيب في لجنة أبو رغيف , وقيام القضاء العراقي بالتحقيق في هذه الجريمة التي هزّت الرأي العام , ووضع حدّ لعمليات التعذيب التي وصلت حد قتل المتّهمين تحت التعذيب , إلا أنّ رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب العراقي قد صمتوا جميعا في حالة لم تشهدها سوى الأنظمة الديكتاتورية التي تحكم شعوبها بالنار والحديد , كما كان يحصل في عهد الطاغية المقبور , وهذا مما يضع الرئاسات الأربعة في موضع الشّك والاتهام ..
إنّ صمت القضاء العراقي عمّا يجري من عمليات تعذيب ممنهج داخل أقبية وزنازين أبو رغيف من دون أن يحرّك القضاء ساكنا , بات أمرا مؤسفا وخطيرا ويرسل رسائل أنّ البلد ماض نحو التفّكك والانهيار .. وحين يكون القضاء بهذا الضعف والوهن , وينحني ويحكم على المتّهمين بأحكام بالسجن بناء على اعترافات قد انتزعت تحت التعذيب , فإنّنا أمام خطر انهيار النظام الديمقراطي .. وما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي يوم أمس عن دخول مدير عام الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية ( قاسم حمود منصور ) , في حالة غيبوبة جرّاء التعذيب الوحشي الذي تعرّض له على يد جلاوزة لجنة أبو رغيف التي اعتقلته في 27 / 07 / 2021 , حيث تشير الأخبار أنّه يرقد الآن في مستشفى الجملة العصبية في بغداد وهو في حالة غيبوبة .. فإذا كان ( قاسم حمود منصور ) فاسدا ولا استبعد ذلك , فلماذا لم يواجه بأدّلة فساده ؟ ولماذا لم يعتقل الفاسد الأكبر في وزارة التجارة الوزير ( محمد العاني ) شريك محمد الحلبوسي في كلّ عمليات فساد وزارة التجارة ؟؟ أليست هذه انتقائية في اعتقال الفاسدين ؟؟ وما الحاجة لاستخدام التعذيب الوحشي المحرّم قانونا مع وجود الدليل بإدانة هؤلاء الفاسدين ؟؟ ولو سلّمنا أنّ المتّهم ( قاسم حمود منصور ) مدانا بالفساد , فهل هذا مبررا لتعذيبه وانتزاع حقوقه المدنية التي أقرّها الدستور العراقي ؟ أين هم حماة الدستور والقانون ؟ وأين هي منظمات حقوق ( الحيوان ) في العراق ؟ وهل سيستمرّ القضاء العراقي في هذا الصمت المريب ؟؟؟ متى سينتفض القضاء العراقي ويوقف هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون والدستور ؟؟؟ وهل يكفي هذا الصمت للخروج من هذا المأزق ؟؟؟ .. صمت القضاء العراقي عن هذه الانتهاكات وضعه في موضع الشّك والريبة .. والرأي العام العراقي يطالب القضاء العراقي بالخروج من هذا الصمت المريب والقيام بحل لجنة الأمر الديواني رقم 29 وإحالة كافة المتّهمين بالقيام بالتعذيب من أعضاء هذه اللجنة , والتحقيق مع قضاة التحقيق في هذه اللجنة الذين تواطؤوا مع المحققين في استخدام التعذيب الوحشي وأمام أنظارهم .. ختاما ..عراقنا ونظامنا الديمقراطي في خطر حقيقي , فماذا أنتم فاعلون يا ولاة أمرنا ؟؟؟