بقلم : حسن المياح …
النقد الموضوعي أساسه وهمه هو البناء والتعمير والتشييد الراقي الجميل ، ولا علاقة إيجاب له بالتهديم والتفليش والتسقيط ، لأنه يعمل على الإيجاد الطيب الخير وجود فعلي واقع ، ولا يريد الحذف والنفي ، أو القلع والنسف ، أو الإزالة والشطب اللاغيات العابثات ….
والسياسي هو كالشاعر الذي يؤلف قصيدة ، وكالفنان الممثل الذي يقدم نتاج عمله التمثيلي فلمآ على شاشة السينما … فالشاعر يجود قصيدة فذة الديباجة ومتدفقة الشعور ، ويأتي بإبداع جديد يعجز عنه الشعراء الآخرون ، ويكتب قصيدته بكل ما فيها من الخصائص الفنية التي تتمتع بها القصيدة الشعرية ، من قيم لفظية وشعورية ، ومن تصويرات تعكس حقيقة التجربة الفنية التي يعيشها الشاعر ، ويسكب عصارة فكره وتفكيره ، ووعيه وإحساساته ، وما تفرزه من همسات ، تدفقات عاطفته وتخيلاته بما يتفاعل به شعوره المتدفق المنساب روعة تصوير ، وما تتأثره أحاسيسه المتوهجة في تجسيد التجربة المعاشة على شكل لوحة فنية في عالم الحس والشهود ، ليتطلعها الناس على أنها صورة واقع حقيقي يعيشونه ، وكأنه عالم حي نابض بالحركة والجذب والتأثير …. فنقول عن هذا الشاعر في قصيدته هذه ، أنه شاعر مبدع ، مفلق ، مجود ، محسن الصورة الفنية تجسيد واقع حقيقي معاش … وما المدح والثناء للشاعر عذا ، إلا من خلال القصيدة التي أنتجها عملآ أدبيآ . فالقصيدة هي عمل أدبي ينتجه الفنان الأديب الشاعر ، وعلى أساس عمله هذا ، يقيم وينقد . فإن أصاب فهو الحسن … ، وإن أخفق أو ضعف فهو الهابط الرديء … ، ولا تناقض في الرأيين ، لأن الموضوع لم يكن واحدآ ؛ وإنما هما موضوعان ( قصيدتان ) أصاب بواحدة ، وأخفق بإخرى . هذا هو النقد الموضوعي …. وكذلك هو السياسي المسؤول الذي هو مرة يفلح فيمدح … ، وأخرى يشطح فيعاب وينتقد ويقدح ….
والسياسي هو كالفنان الممثل الذي ينتج فلمآ سينمائيآ تمثيلآ ، فهو ( الممثل الفنان ) يجيد التمثيل ، فتكون صورته بهية ، وتمثيلة من النوع الراقي درجة حرفة إختصاص ، وصياغة جوهر عمل فني يخلب العقل وينشط التفكير ، ويجلب المسرة والإرتياح ، ويبعث على الإنبساط والإنفتاح ، ويخلق الفرصة للتناغم الموسيقي الواقع للروح والمشاعر والأحاسيس ، فتنطلق النفس الإنسانية بهجة حبور ، ورفلة سعادة وهناء ….. والسياسي المسؤول هو كذلك يمكنه أن يسر ويفرح ، وهو الذي يقنط ويؤلم ويؤذي الشعب والناس والرعية في القرار الذي يتخذه ، والعمل الذي يقوم به ، وقراره هو عمل ….. وعلى أساس عمله هذا الذي يرى نور الواقع وجود فعل ، يحمد عليه ويثنى ؛ أو يقدح عليه ويسب ويشتم …. ولا تناقض في البين ، لأن الموضوع قد تغير وإختلف ، فيعاب المسؤول السياسي على العمل الواحد وهو العمل المجرم الفاسد ، وأنه يتوج فخر مدح وثناء لما يعمل عملآ آخرآ صالحآ ينفع الشعب والناس ، وأنه يخلد إسمه وجود مسؤول سياسي أجاد تحمل المسؤولية تكليفآ …
ويمكن أن تكون سونية الراقصة مقاولآ فاسدآ ، أو شركة ما يسميها السياسي المسؤول ب “” الرصينة “” دفع كومشنات ، ومنح نسب مئوية مشاركة أرباح ، رشآ مبرطلة لتحقيق رسو عقود ومشاريع بناء وتبليط وقرنصة وتأسيسات أخر وأخريات …….
وسونيتنا الراقصة الحبيبة الخفيفة اللطيفة التي تدخل السرور والحبور والآنفتاح والإسترواح ، فرحة على قلب السياسي المسؤول ، لما تنجز له ما يريد منها من تكليف وواجب ، ليحقق منفعة بناء وجوده الوظيفي ، وتشييد كيان ذاته …. فيغدق عليها ما تشتهيه نفسها ، وتقر به عينها ، وهو الجواد الكريم المنفق مال سحت حرام ، الباذخ مبالغ نقدية ضخمة بدون وجع قلب ، لأن المال الذي ينفقه هملآ ، لم يستحصل من بذل جهد مضني ؛ وإنما هو من جراء توقيع بسيط على عقد حكومي يمنحه الى شركة ، أو مقاول فايخ ، يحرز له حصته ونسبته مقدمآ ، أو على شكل دفعات ….. فهي سونية الراقصة المرتاحة ، وهو عبدالحميد رأفت المسؤول السياسي الفاسد السافل المترف المسترخي …
وسونية الراقصة الحبيبة الغالية الوديدة تعلم أن عملها قبيح صورة ، ورخيص كرامة ؛ ولكنها تزاوله ، لأنه هو مصدر عيشها الوحيد الذي منه تأكل وتشرب ، وعلى أساسه تسرح وتمرح ، وتجمع وتدخر ، وتفكر يومآ ما أنها ستتوب لما تعجز ، وتصبح سلعتها التي هي جسدها لما تكبر بائرة كاسدة يابسة لا تغني شيئآ ، وهذا هو حال ونهاية حياة الفنانات اللواتي يتخذن من الجسد والصوت والإغراء فتنة جذب ، وتأثير موج تفاعل ، ونثر المال السحت الحرام بلا وعي ولا تفكير عليهن من قبل الزبائن التجار والميسورين الحالمين هيام فجور وعهور ، وتسلية نفس ، وتفريغ شحنة شهوة ، وتلبية رغبة ، وكذلك هو السياسي المسؤول المنتفخ ثراء مال سحت حرام ، والمتورم خزائن دولارات ودنانير منهوبة من ثروات الشعب العراقي المستضعف ، والمنتفش تفاهة رأي ، وإنحراف سلوك ، والممتليء بذور نيات ظلم وإجرام ، وبلطجة وإنتقام ، وتجويع الشعب وكل وسائل
الحرمان ….. وهو الخبيث اللئيم ، العتل الزنيم ، الفاسد الفاجر ، الجبان الذي نهايته — كما هم أسلافه الطغاة — العيش إختفاءآ وإختباءآ في الحفرة ، والطمر دفنآ وزوال تاريخ مجرم سافل وضيع حقير ، في المستنقع الإسن الوبيء الجيفة ….
وهذا ما ستنتجه إنتخابات العاشر من تشرين الأول المسعور اللعين ، سنة قحط وإرتفاع سعر دولار وغلاء سعر سلع وقضاء مدة أربع سنين عجاف من تاريخ إعلان نتائج إنتخابات سنة ٢٠٢١م ، من صعود نفس الوجوه المجرمة المجربة ، الفاسدة اللئيمة ، القاتلة الحارمة ، الناضبة عطاء خير ، والنابضة سعار ظلم وتجويع وإستهتار ، وإندفاع نوبات متتالية مريضة مهووسة من إستئثار وإسترضاء ذات رذيلة حاكمة متسلطة باغية طاغية متفرعنة لا مسؤولة فارضة ……
لكن … لفطرة الإنسان الطيبة الخيرة الطاهرة النظيفة التي يخلق الله عليها أساسآ كل عباده المخلوقين ، ومنهم سونية حبيبتنا الدلوع الراقصة ، وتبعث فيها حركة شعور طيب ، وومضة بصيرة متفتحة ، لعمل ما هو خير مناف لما هي عليه من فجور وعهور ، ورذالة وجود وإنحراف سلوك … ، فتفكر في عمل صالح يخطر على بالها ، عله يفيدها في ساعة الحسرة والندامة والألم ، وفي حالة الشيخوخة والعجز والقعود عن ممارسة المهنة التي هي تتعاطاها ، لبسر إنتاجها ، ويبوسة جذب جسدها العجوز المترهل جلدآ متقوقعآ تجعيدات وطبقات إجتماع يبوسات من جلد إمرأة هرمة كبرت سنآ وشاخت ، وماتت كريات دمها الحمراء والبيضاء ، ولا طاقة لها على بناء ، أو تعويض ، أو ترميم ما فقدته من نعمة جسم منحها إياه ربها الخالق الرؤوف الرحيم ، الحنان المنان ، نعمة خلق وعطاء ، ومنة وجود خير عامر سليم ، قويم كريم ….. لذلك سونية الراقصة فكرت – كرد جزء من وفاء وشكران الى ربها وباريء نسمتها وجود خلق وتكوين ، أن تشتري قطعة أرض ، وتشيد عليها بناء دار لإيواء أيتام ….. ، لا بناء مدينة سكنية تجارية الحاوية على الشقق والفلات والدور الواطئة كلفة بناء …. الغالية الثمن بيعآ ، وهي المبنية على أرض مشتراة من الحكومة ، من خلال المسؤول السياسي الفاسد المرتشي اللغاف الشافط ، بثمن بخس من دنانير عراقية منخفضة السعر تبادل عملة ، مقارنة بسعر الدولار المرتفع ، المساوي ل ١٤٥٠ دينارآ للدولار الواحد ……. بدون أن تشعر الأيتام بفضل ، ولا بمنة ، لأنها أرادت عملها خالصآ لله ، وان يكون صدقة جارية الثواب دائمته ، عله يفيدها من تهوين محنتها في يوم الحساب ….. وهذا ما كان منها … وأصرت عليه — سونية الراقصة الناوية التوبة من إمتهان حرفتها الفاجرة ، ومغادرتها توبة نصوحة — …… وأنفقت من كد جسدها على بناءه ، وما يتطلبه البناء من إجراء معاملات رسمية ، وموافقات حكومية ، ودفوعات ضرائب مالية ومعنوية ورسوم مالية مقبوضات ……
وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة الحادية عشرة القادمة اللاحقة ……
ومن الله تعالى نستمد العمر والوجود ، والعون واللطف والتوفيق …..
حسن المياح – البصرة .