بقلم : هادي جلو مرعي …
عديد البرلمانات في العالم تتحول الى مكان لعقد الصفقات، وتوزيع الحصص المالية والمناصب بين الأحزاب المتنافسة، وحتى لو كان بين حزبين كالجمهوري والديمقراطي في غرفتي الكونغرس الأمريكي، والمحافظين والعمال في مجلس العموم، ويبقى الظاهر منها للشعب العظيم، حيث يصرح السادة النواب بأنهم في خدمة الشعب، ويتحدثون بلغة هادئة، ويتشنجون عندما يتطلب الموقف منهم ذلك ليثبتوا أنهم على مستوى المسؤولية.
يقول أحد المفكرين: المرشح يقول للجمهور قبل الإنتخابات: إنا خير من يمثلكم، وعندما يفوز يقول : أنا خير من يمثل عليكم، وعندما يصبح وزيرا يقول: أنا خير من يمثل بكم. والتمثيل بالجمهور يعني الإستئثار بالأشياء، وكسب المزيد من المنافع وضمان الحضور والتأثير، والبقاء لأطول مدة ممكنة، مع حماية قانونية من الملاحقات، ثم لايكترث كثيرا بردات الفعل، فهو يستطيع أن يعود الى الواجهة، ويبدأ في رحلة خداع وتضليل جديدة، ويمضي في الترويج لنفسه بوصفه المنقذ والمخلص، وصاحب الصوت الأعلى المطالب بحقوق العامة من المستضعفين، وإنه سيعيد لهم كل حق مسلوب منهم.
على مدى سنوات، ولعدد متعاقب من الدورات البرلمانية، وبعد إنفاق عشرات الملايين من الدولارات في الحملات الدعائية، والترويج للبرامج الإنتخابية، ومحاولات كسب ود الناخبين، والسعي لجمع المزيد من الأصوات، وتأسيس عديد الدوائر والهيئات المعنية بالممارسة الإنتخابية، وطبع البطاقات الخاصة بالمواطنين المؤهلين للتصويت، وحضور عشرات ومئات المراقبين الدوليين وأمثالهم من الصحفيين، بعد كل ذلك لايجد المواطن تغييرا حقيقيا، ويكتشف أنه كان مضللا، وقد غرر به، وتم تضليله لكسب صوته، وإنه أستخدم كوسيلة للوصول الى غاية، وسرعان مايتم التخلي عنه.
ينظر المواطن الى حال بلده فلايجد تغييرا، ويرى الأوضاع المأساوية على حالها لم تتغير، سوى بقدر بسيط من المظاهر الخادعة والخداعة التي لاقيمة لها لأنها لاتنهي معاناته في الحصول على تعليم جيد، ووظائف وخدمات عامة يشعر بأنها مفيدة، وليست قاصرة، وإن السيد النائب كان نائما في جلسات البرلمان عندما يتعلق الأمر بتشريع قوانين حقيقية مفيدة للشعب، وراعية لمصالحه، وإنه كان يفيق من نومه عندما يتعلق الأمر بمصالحه ومصالح حزبه، والفئات المرتبطة به، والمنتفعة منه.