بقلم : علي عاتب …
هجوم (دبلوماسي) خليجي بقطع العلاقات الثنائية بين بلاد الأرز الغنية بالحضارات، وبين بلاد النفط الغنية بالدولارات، بعد بضع كلمات أطلقها وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي ، كان وقعها على رؤوس حكام الخليج وخصوصا آل سعود كصواريخ سكود الحوثية ، عندما نطق بالحق ووصف حربهم على اليمن بالعبثية ، وقد أصاب كبد الحقيقة المرة التي يغض البصر عنها الكثير من المسؤولين العرب (وأكثرهم للحق كارهون).
فيما كانت ردت فعل أغلب الدول الخليجية غريبة ومتطرفة بطرد السفير اللبناني ووقف التبادل التجاري ؟؟!، وهو مؤشر على حجم التورط بحرب اليمن التي فاقت من حيث التكلفة المالية وضخامة الخسائر العسكرية كل توقعاتهم المبنية على الحقد الطائفي.
إذ تعاني السعودية مأزقاً بالغ الخطورة في اليمن، وهو وضع يُتوَقَّع أن تكون له إنعكاسات على أمنها القومي، بحيث يُنتظر أن تنقلب المعادلة هناك، وينفرج المشهد عن موازين جديدة بعد تحرير مأرب.
إن عامل الوقت ليس في مصلحة المملكة، ولا تتحمل خسارة الملف اللبناني بعد خسارة الملف اليمني كاملا ، وهي تستعجل تدارك الامر، بالدخول العنيف بالملف اللبناني، ويمكن أن توفّر لها قضية (قرداحي) ذريعة أو مدخلاً للعودة النشطة إلى ملف الحكومة اللبنانية .
محاولات السعودية، التي فشلت في تفجير الساحة اللبنانية أكثر من مرة، (كما يتَّهمها خصومها)، يبدو أنها تحاول التعويض عن ذلك من خلال إختلاق مشكلة الوزير قرداحي، وإحراج رئيس الحكومة وأطراف أخرى تعدّها حليفة، من أجل إحداث فوضى تطيح بالاستقرار النسبي، وتساهم، في التغطية على تورط حليفها (سمير جعجع) والذي بات يجعجع في مأزق لا يحسد عليه.
فبعد (كمين الطيونة) إنقلب المشهد، وأصبح جعجع وحزبه في موقف المحاصَر والضعيف، إذ يبدو أن الملف لدى المحكمة العسكرية، يحتوي على أدلة مُحْكَمة تُوَرِّط حليف السعودية الأول، الأمر الذي جعل البطريرك الماروني بشارة الراعي يتولى بنفسه محاولة إيجاد مَخرج لهذه الأزمة، وإقتراح مقايضات من أجل إخراج جعجع من هذه المحنة ، كما تنقل تقارير إعلامية لبنانية. وفي حال سار الملف قضائياً إلى خواتيمه، يُحتَمل أن يقود ذلك إلى إدانة جعجع قضائياً، بسبب تورُّطه في الملف، وهذا من شأنه أن يُحرق الورقة الأقوى، أو الحصان الذي تراهن عليه المملكة، التي تعودت على تجرّبة مسارات أخرى جديدة توصلها إلى أهدافها، ولن تكون إثارة قضية قرداحي آخر تلك المحاولات.