بقلم : حسن المياح …
النظام السياسي الإجتماعي هو البذرة ( النبات ) ، والشعب هو الأرض ، وكما هو معروف ومشهور عند الزراع الفلاحين أن البذرة تبحث عن أرض خصبة قابلة صالحة ، حتى تغرس ، وتستقر ، وتنمو ، وتثمر ، وتأتي أكلها كل حين بإذن ربها ، وتلك هي الشجرة ( النبات ) الطيبة … وما تشابه منها إءتلف ، وكانت صداقة دائمة …
والأرض أنواع متعددة ، وأجناس مختلفة ، كما هي البذور أنواع ونماذج ، وكل يصلح الى بعضه ، وهو منجذب اليه بقدر ما هناك من قابلية توافق ، وإستعداد تطابق … والتمر البرحي أفضل أرض خصبة له هي أرض البصرة ، وبالأخص أرض قضاء أبي الخصيب ، لما هي الملائمة التامة بين نواة البرحي بذرة ، وأرض البصرة في قضاء أبي الخصيب خصوبة … وهذا لا يعني أن البرحي لا يزرع في مناطق أخرى من العالم ؛ وإنما هو الإختلاف في الصلاحية والنماء والثمر …. ، وربما لا حياة لنبات نخلة التمر البرحي في الأرض السبخة التي لا تصلح مكان زراعة لنواة تمر البرحي …. وكل بذرة لها أرضها الخصبة التي تلائمها ، وتتطابق معها ، وتغذيها وتنميها ، وتجعلها مثمرة يانعة بما لها من عذوبة خصوبة ، وملوحة غذاء مديم حافظ ….
والأصالة هنا تشمل الطرفين البذرة والأرض الخصبة . فالبذرة الصالحة أساسها وقوامها الصلاح ، وأصالتها من أساسها وما عليه تقوم من طيب ، ولذلك القرآن الكريم يصف الشجرة الطيبة بأن أصلها ثابت متجذرة الرسوخ ، وفرعها بما فيها من أغصان في السماء حرة نامية ، طليقة مثمرة ، مغذقة عطاءها مستديمته على الدوام ، تؤتي أكلها كل حين على الإستمرار ، بإذن ربها ، وذلك هو النظام السياسي الصالح الطيب الذي يقود الشعب ( الأمة ، المجتمع ) لما في النظام من فاعلية موج تأثير ، ولما للشعب من صلاح قابلية إستعداد وتقبل وتفاعل وتلاحم وتعاون وتعاضد ، ولذلك يكون الثمر سعادة ورخاءآ وحرية ، وأمنآ وإنفتاحآ ، وأمانآ ورفاهية …
والشعوب لها أصالتها وقوامها الصالح الناتج من العقيدة والإيمان ، والتاريخ والتربية ، وصلاحها من صلاح عقيدتها وتربيتها ، وطلوحها من فساد إنفلاتها عن التمسك بالإعتقاد ودوام التربية وديمومة العمل الصالح ، وهي الخبيثة التي إجتثت نفسها ، وجعلتها بلا قرار ولا إستقرار ، لما فيها من خبث قالع ، وحرية ممارسة فساد شالع …. فلا عطاء يفيض ، ولا ثمر يغني من جوع ، أو يشبع ، أو يستر ….. وتلك هي الأنظمة الغربية والشرقية بجميعها وشمولها التي تفرض آحتلالآ وإستعمارآ ، وفرضآ وغصبآ ، تطبيقآ على الشعوب التي عقيدتها هي غير عقيدة الغرب الرأسمالي الديمقراطي القائم على أساس الربا الحرام والحريات الأربع المطلقة المنفلتة غير المحددة ، ولا المقيدة ، ولا المهذبة ….. ، وكذلك هي الشعوب التي إعتقادها غير إعتقاد الشرق الذي يقوم على أساس آيدلوجية الإشتراكيات المتناسلة ، المهجنة التضاجع الولود ، التي تنتج أشباه نظائر لا تنسجم تفاعلآ مع ما هو أصيل ثابت يرفض لما هو من عدم أصالة نوع ، وإن كانت هذه الأشباه النظائر المتعددة لا تخلو من بعض الشبه الذي هو ليس الأصل التام ، والمعتمد المرتكز …..
وهذا يعني أن البذور منها الصالح الجيد ، ومنها الطالح الرديء …. وأن الأرض هي كذلك منها الخصبة كثيرة الخصوبة ، ومنها القليلة الخصب ، ومنها السبخة التي لا خصوبة فيها ، لذلك هي لا تعجب الزراع في غرس البذور ، لأن النتيجة هي حتمآ الخسارة وتضييع الجهود ، وإنفاق الوقت هدرآ بلا طائل في الآخر …..
فالأنظمة الغربية والشرقية البشرية الوضعية لا تصلح إلا فرضآ قسرآ على شعوبها التي لا تؤمن أساسآ — والتي هي ربما فيها لهذه الأنواع من الأنظمة درجة من الخصب القليل والصلاحية المؤقتة — بعقيدة لا إله إلا الله توحيدآ رساليآ ، ولذلك تجد لهذه الشعوب من سلوكيات إعتقاد ، وممارسات أعمال ، ومزاولة أفعال ، هي الى الإنفلات أقرب وأجذب منها الى الإلتزام والتمسك بمباديء إلهية ثابتة واجبة ….. ، لما هي عليه من حريات مطلقة سائبة غير موجهة ، ولا مقيدة ، ولا مهذبة ، وليس لها نوع من تربية … ، إلا تحقيق منفعة غريزة ذات مستأثرة ظالمة متوحشة ، وتلك هي الأنظمة الديمقراطية ، والليبرالية ، والمدنية ، والعلمانية ، وما شاكلها من تأسيسات أنظمة مودات وأزياء ، وفي مجلات البردات وسوق عرض الأزياء …….
والشعوب التي فرضت عليها الأنظمة البشرية الوضعية الإشتراكية والشيوعية قسرآ وبالقوة على إتباع مناهجها ، فإن هذه الشيوعية بكل مقدماتها الإشتراكية تمهيدات نظام قد رفضت ، وتخلي عنها ، والتي لم تدم طويلآ ، ولم تستمر لوقت أطول ، لما فيها من تنافر وعدم إنسجام مع الفطرة التي خلق عليها الإنسان ، وما للدكتاتورية والغصب ، والتفرد والظلم الطاغي ، والقسوة الفارضة المفروضة الضارمة ، واليد الحديدية الضاربة المميتة ، والقوة الحاكمة المتسلطة المحطمة المدمرة القاتلة التي قام بها قادة هذه الأنظمة من ستالين ، ومن هو على شاكلته في مناطق مختلفة في
العالم من مثل موسوليني وهتلر …. من قتل وإرهاب ، ومن حرمان وتجويع ، ومن منع وتهجير ، ومن سجن وتطريد ، ومن نبذ وطرد ، ومن بعث نفور وخلق كره وإشمئزاز ….. الذي جعل الشعوب في حالة سلب ورفض لهذه الأنظمة الجائرة الظالمة المجرمة ، وأنها لا تخضع لها ، ولا تريدها ……
ويأتي اليوم الغرب الرأسمالي ، والصليبية الأميركية ، والماسونية الصهيونية ، بنظامها الهجين المسخ المتفسخ المتهريء ، المضطهد الظالم الجافي القاسي ، الذي هو يمثل البذرة الطالحة الموبوءة المريضة ، ويريدون فرضه قسرآ وعنوة ، وبالقوة وبالغش ، وبالخداع وبالعمالة ، وبالمؤامرة والتبريرات الواهية الكاذبة ، على الشعب العراقي المؤمن بعقيدة لا إله إلا الله ، والمنسجم مع تشريعات السماء ….. ويقولون أن هذا هو العالم الجديد … وانه الحضارة الإنسانية المتقدمة …. وأنه المدنية المتطورة داروينيآ من حيوانية زاحفة على بطنها الى حياة قرود ناطة قافزة متنقلة على الأشجار …….
فليعي الشعب العراقي المسلم أن بيئته التي يعيش فيها ، هي ليست أرضآ خصبة الى ما هي الأنظمة الوضعية البشرية الوافدة والمستوردة من الغرب والشرق ، لأن هذه الأنظمة هي بذور رديئة موبوءة مريضة فاسدة ، لا تصلح أساسآ لبناء ، أو قاعدة لقيام نظام سياسي حاكم يقود المجتمع العراقي الذي يرفض الغذاء المر العلقم ، وينفر من الماء المالح المسرطن المميت القاتل…. وأنه لا نماء لبذر أجنبي وافد فاسد ، في أرض خصبة صالحة لم تعد له ، ولم تهيأ …. ؛ وإنما هي أرض كثيرة الخصب ، شديدة خصوبتها ، لرسالات السماء الإلهية ، المعدة والمهيأة لها ، الذي هو النظام السياسي الإجتماعي الصالح في دين الإسلام …..
حسن المياح – البصرة .