بقلم : علي عاتب …
محمد رمضان، ذلك الفتى الاملح الاجلح، يتقافز عاري الصدر على مسرح جراحنا.. يرقص على طبول أزماتنا.. طريد من أهل الفن في أرض الكنانة، ممنوع من الغناء فيها ، تفرش له السجادة الحمراء، مزينة بالدولارات الخضراء ، في قلب بغداد تهتف له الحناجر (هله بيك هله) ، يحاط بهدايا ثمينة، يقذف بساعات بعضها ماركة (اوديمار) الثمينة والتي يقدر ثمنها بـ 25 الف دولار( 37مليون دينار عراقي تقريبا)، بحضور زاد على 20 ألف (فايخ وفايخه)، سعر التذكرة العادية 100 دولار، والمتميزة 300 دولار، وبتكلفة فاقت المليون دولار، بمشاركة 70 راقص وراقصة، وستيج ضخم بمساحة 300 متر، وشاشة عرض عملاقة هي الاكبر في العراق، تم شراءها خصيصا للحفلة في سندباد لاند.
ولم يكن محمد رمضان الأول في الدعوات لزيارة العراق، فقبله ثلة من (الرادحين) تتقدمهم الراقصة (فيفي عبدو) لتهز خصرها المنتهي الصلاحية، وسط هزاتنا المتكررة، بمصاحبة إيقاعات السياسيين المتهورة .
مفارقة عجيبة ؟؟! .. مظاهر باذخة، وشعب يعيش في دوامة الصراع بين الفرقاء السياسيين ، تتجاوز نسبة الفقر فيه 30% حسب الاحصائيات العالمية، في بلد يتسابق (الفايخين) فيه على الاسراف، و(الدايحين) فيه على الفساد، و(النايمين) فيه عن الصمت المريب ، فيما يصارع (المكاريد) على قوت يومهم.
مؤشر خطير على الهوة الكبيرة بين عامة الناس، والطبقة المترفة من السياسيين وأصحاب الامتيازات والرواتب الفلكية، و(الخماطة) في دوائر الدولة، و(اللفاطة) من لوكية الأحزاب في ظل إنسداد سياسي، نتج عنه تداعيات خطيرة ألقت بظلالها على الواقع المعيشي، وزيادة غير متوقعة بأسعار المواد الغذائية.
وبدلا من إيجاد حلول ناجعة لوقف التدهور السياسي والاقتصاد، نلاحظ الكثير من أصحاب القرار والنفوذ، يهرولون للأمام للتخلص من تلك المعضلات، بإقامة مهرجانات ترفيهية، ونقل صورة مغايرة لواقعنا المزري، أمام الاعلام الخارجي، وهي نفس الخطوات التي إتبعها النظام البائد، عندما غدق على فرق ومطربين المليارات من الدولارات لاقامة المهرجانات الغنائية، فيما يرزح الشعب تحت وطأة الحصار الجائر..
ويقينا كلا الحالتين، طمس للحقائق، لمكاسب إعلامية وسياسية.
علي عاتب