بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
تفتقت عبقرية بعض الوزراء في السنوات القليلة الماضية عن مواهب مبتكرة في فنون التغليس والتجاهل والتطنيش، فأقاموا حاجزاً إدارياً يمنحهم العزلة الكاملة، ويحول بينهم وبيننا، اطلقوا عليه (قسم التنسيق الحكومي). لا شغل لهذا القسم سوى أستلام البريد الذي يحمل هموم الناس، ومن ثم يتولى القسم مفاتحة تشكيلات الوزارة بأسلوب المراسلات السلحفاتية، ولا الراح اجاني ولا رد الخبر ليه، من دون ان يكلف الوزير نفسه مشقة متابعتها والاهتمام بها.
حتى مناشداتنا نحن النواب كانت تمر عبر هذا الجدار الطيني. .
نعاني كلنا من الشعور بالإحباط إزاء ظاهرة (التغليس) والتجاهل التي أنفرد بها معظم المسؤولين الذين أصابهم الطرش، فنحن مهما تعالت صيحاتنا، ومهما كتبنا، ومهما تكررت نداءاتنا بالمطالبات الجماهيرية لن يسمعونا، يتخيل إلينا أحيانا انهم يسمعوننا، لكنهم لا ينصتون، فأغلب ما نصدح به لا يدخل آذانهم، ولا يصل عقولهم، لأنهم رفضوا الانتباه، ولا يلقون لنا بالاً. نحن أيضا صرنا لا نسمعهم. فهم يتصرفون وهم على قناعة بأن خطابهم حظى باهتمامنا، منخدعين بسكون القاعة، وإيماءات البعض، وأحياناً أو كثيراً عاصفة من التصفيق. ما لا يعرفونه أن هدوء القاعة، وإيماءات الجالسين، والتصفيق المتكرر لا يعنى بالضرورة اننا انتبهنا لخطابهم. .
منذ سنوات ونحن نحلم بالحوار الشفاف فيما بيننا، لكن واقع الحال يقول العكس، فحديثنا معهم حديث الطرشان، وهو دليل على فقدان الثقة. نسمعهم يتحدثون عن أشياء كثيرة، ويرتكبون عكسها، ويتكلمون بلغة مليئة بالتضخيم، لكنها لا تخلو من الكذب. ذلك لأن الحواجز التي أقاموها حجبت عنهم الصوت والصورة، ومع ذلك هم مستمرون. . .