بقلم : أياد السماوي …
قد يظن البعض أنّ رياح الكتلة الصدرية ستأتي بما يشتهي الصدر , وأنّ إدارة الدولة ومهمة تشكيل الحكومة سهلة ويسيرة مع وجود تحالف أغلبية سياسية ضمّ الكتلة الصدرية وكتلة السيادة السنيّة والحزب الديمقراطي الكردستاني , فالأغلبية البرلمانية متحقّقة في هذا التحالف السياسي وبشكل مريح ولا شيء سيمنع زعيم الكتلة الصدرية السيد مقتدى الصدر في تسمية من يرتضيه رئيسا للوزراء وتشكيل الحكومة مع حلفائه السنّة والأكراد , مقابل توزيع الرئاسات الثلاث والوزارات بين الكتل المتحالفة والقبول بمرّشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية هوشيار زيباري , خصوصا أنّ مرّشح السنّة لرئاسة مجلس النواب محمد الحلبوسي قد تمّ تمريره بأصوات الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني ..
والحقيقة أنّ الأمر ليس بهذه السهولة التي يظنها زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر , فتسليم رئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية إلى الفاسدين محمد الحلبوسي وهوشيار زيباري , هو بداية لعصر جديد من الفساد والضياع والفقر والفوضى .. وإدارة الدولة في ظل الأوضاع الدولية والإقليمية والأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التي يمرّ بها بلدنا اليوم , لا يمكن تمشيتها والوصول بها إلى بر الأمان بواسطة الكصكوصة والكتابة بالقلم الأحمر , فالوعود التي أطلقها زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر إلى العراقيين عامة والصدريين خاصة , تحتاج إلى جهاز إداري وتنفيذي قوي ونزيه ومخلص لبلده وغير متوّرط بفساد أو علاقات مشبوهة مع أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية .. ولعلّ أهم ما ستواجهه الحكومة القادمة هي تصفية تبعات الحكومة الحالية وما قامت به من تجاوزات على القانون والدستور وإبرامها لعقود مشبوهة مع شركات عالمية خلال فترة تصريف الأعمال ..
فالحكومة الصدرية الموعودة ستواجه مشاكل وملّفات سياسية واقتصادية وأمنية شائكة , وأول هذه المشاكل التي ستواجهها الحكومة الجديدة هو ملّف تشكيل الحكومة والعودة لنظام المحاصصات الطائفية والقومية , فهل ستعود الحكومة الصدرية ( القح ) لنظام المحاصصات البغيض ويجري توزيع الوزارات بموجب نظام المحاصصات الذي دمرّ البلد ؟ ثمّ وهذا هو الأهم كيف ستواجه الحكومة الصدرية شروط الحزب الديمقراطي ومطالبه المتعلّقة بكركوك والمناطق المتنازع عليها وقضية توزيع الثروة والنفط وموارد الإقليم المالية ؟ فهل ستنزل الحكومة الصدرية الجديدة عند شروط وإملاءات الحزب الديمقراطي الكردستاني ؟ كما وهل ستقبل حكومة آل الصدر بما يخطط له رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بجر العراق للتطبيع وإنشاء الإقليم السنّي وإغراق مؤسسات الدولة بأعوان حزب أبيه من البعثيين ورجال أنظمة صدام القمعية ؟ وهل تملك الحكومة الجديدة رؤية سياسية واقتصادية لحل مشاكل البلد الاقتصادية وتحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد وحيد الجانب يعتمد على النفط إلى اقتصاد منتج للسلع والخدمات تساهم فيه القطاعات الاقتصادية الأخرى بنسبة كبيرة في الناتج القومي ؟ وكيف ستواجه هذه الحكومة ملّف أزمة الكهرباء المستعصية وملّف الخدمات الأخرى كملّفات الصحة وبناء المستشفيات والمدارس وبناء وحدات سكنية للفقراء ؟ وهل ستتصدّى هذه الحكومة لمشروع الشام الجديد الذي يراد من خلاله ربط العراق بإسرائيل ؟ وما هو موقف هذه الحكومة من ملّف الارتباط بمشروع طريق الحرير العالمي الذي يرسم ملامح تطوّر العراق واللحاق بدول العالم المتقدّم ؟ أم أنّ زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر يرى أنّ تصفية حساباته مع غريمه اللدود نوري المالكي هو الهدف وهو المشروع وليغرق العراق وشعبه ومستقبله بعد ذلك ؟ .. بدورنا نقول للسيد مقتدى الصدر أنّ أيّ حكومة قادمة بدون الإطار التنسيقي ستقدّم تنازلات مهينة ومؤلمة لن يستفاد منها إلأ أعداء العراق وشعبه وستدخل البلد في نفق الفوضى المظلم , ومثل هذه الحكومة ستؤدي إلى إحداث ضعف كبير داخل المكوّن الشيعي وستحوّل المكوّن الشيعي إلى أقلية في الحكومة القادمة , وسيتحمّل السيد مقتدى الصدر لوحده هذه المسؤولية التاريخية أمام الله والشعب وأبناء المكوّن الشيعي ..
أياد السماوي
في 29 / 01 / 2022