بلاويكم نيوز

حاملات البيارق في سماء اوربا

0

بقلم : كاظم فنجان الحمامي …

فرق شاسع بين أمم تتغنى بأمجادها المندرسة، وأخرى منشغلة بصناعة الأمجاد لأجيالها القادمة، فالتجارب الناجحة هي المرآة العاكسة لفوز الأمم التي سخرت جهودها لصناعة مجدها في حاضرها ومستقبلها. وخير مثال على ذلك النجاح الذي الباهر الذي أحرزته تركيا بصناعة طائرة (البيرقدار) بوصفها واحدة من أذكى الطائرات المسيرة من هذا الطراز عالمياً، فبعد عشرين عاماً من البحث والتجديد والاختراع، وصناعة أول طائرة تركية مسيرة من طراز (بيرقدار ميني) أوصى أوزدمير بيرقدار أولاده قبل وفاته بإتمام حلمه بإنتاج أذكى الطائرات المسيرة. وأوصاهم أيضاً بإخراج جنازته من المصنع الذي شيّعه منه كبار ساسة تركيا ورجال الصناعة في البلاد. .
ولد (أوزدمير بيرقدار) في قرية ساحلية من قرى إسطنبول، لأب يعمل في البحر، لكنه تميز بنبوغه المبكر، فالتحق بكلية الهندسة الميكانيكية، وتخرج فيها عام 1972 بدرجة تفوق. .
تجدر الاشارة ان كلمة (بيرقدار) باللغة التركية تعني (حامل البيرق) أو (حامل الراية). .
بدأ هذا المهندس العبقري حياته بتصميم السيارات، وشارك في تصنيع سيارة (ديفريم)، ثم واصل دراسته العليا لينال شهادة الماجستير عام 1975، ويلتحق بالقطاع الصناعي التركي، ويساهم في تأسيس عدد من المشاريع والمصانع الجديدة، منها (أوزل)، و (بردر تراكتور)، و(إسطنبول سيغمان)، والتي لعبت دوراً رائداً في القطاع الصناعي التركي حتى يومنا هذا. لكن طموحه دفعه للاستقلالية، وتأسيس شركة (بايكار) عام 1984، حالماً بالمساهمة في النهضة التركية وقتذاك، وتوطين الصناعات، بغرض المساهمة في الاستقلال التكنولوجي لبلده. فدخل عام 2000 بمجال صناعة الطائرات المسيرة ليقدم أول نموذج لطائرة مسيرة باسم (بيرقدار ميني) لصالح الجيش التركي، ففتحت تلك الطائرة أبواباً واسعة أمام تطوير وإنتاج مُسيّرات تركية حديثة، ووصلت نسبة المساهمة المحلية فيها إلى أكثر من 93%، فجعلت تركيا رائدة في مجال صناعة واستخدام وبيع المسيّرات المسلحة على مستوى العالم، فتعاقدت معها دولة قطر لشرائها والتسلح بها، ثم تعاقدت اثيوبيا وبولندا، واتسعت رقعة بيعها لتكتسح مبيعات الاسواق الحربية في شتى أصقاع العالم، والتي اكتملت قبل بضعة أيام ببيع بعض اسرابها المتطورة الى أوكرانيا. .
ما نريد ان نقوله هنا: لولا الدعم والتشجيع الذي احرزه القطاع الصناعي الخاص في تركيا، لما استطاعت ان تحرز هذه النجاحات الباهرة التي ادهشت كبريات الشركات الاوربية المتخصصة في هذا المضمار. وقد اخترنا هذا النموذج الناجح لكي نعطي الجهات المعرقلة في العراق فكرة عن اهمية الدعم والتشجيع في النهوض بمستوى صناعاتنا الوطنية نحو الآفاق المستقبلية المنشودة، فما نراه اليوم على أرض العراق يبعث على الحزن والألم . .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط