بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
نرضى بما فشلنا به.. فقط.. لأنه لا قوة لنا على معايشة فشل آخر. فقبل نصف قرن عندما التحقنا بدورة المرشدين البحريين، كان يتعين علينا التحدث بعد التخرج باللغة الانجليزية مع طواقم السفن الأجنبية المترددة على موانئنا. وكان يفترض بادارة شركتنا أن تدرك وقتذاك اننا نفتقر لمهارات الاستماع (listening)، والقراءة (reading)، والمحادثة (speaking)، والكتابة (writing)، بسبب طرق التعليم القديمة التي عفا عليها الزمن، وكان ينبغي ان يدركوا مدى حاجتنا للتعلم بالطرق الحديثة التي كنا نتطلع اليها بشغف، وليس عن طرق الحفظ التقلدي الممل. وما ان باشرنا بعملنا في سلك الإرشاد البحري حتى اكتشفنا مدى عجزنا في التحاور مع الأجانب اثناء ارشادنا السفن المكلفين بقيادتها، الأمر الذي اضطرنا الى الاستعانة بالمختصرات والمفردات البسيطة المتداولة، من دون ان نتمكن من فتح أبواب التحاور مع الأجانب العاملين في برج القيادة. ولم يكن من السهل التغلب على هذه المشكلة عن طريق التعليم الذاتي، وغالباً ما يمنعنا الخوف من التلفظ بالمفردات الجديدة التي نتعلمها من وقت لآخر، واحياناً يميل بعضنا إلى الاستجابة لمخاوفه أو التردد في النطق. .
الطامة الكبرى ان ادارات شركة الموانئ ظلت غير مهتمة بتدريبنا وتأهيلنا، وفشلت محاولاتنا كلها في اقناعها بإلحاقها باحدى المعاهد البريطانية على غرار الدورات التي سبقتنا، فبدلا من ان نتعلم اللغة مباشرة من الانجليز أنفسهم كان لزاما علينا ان نقضي سنوات وسنوات بتعلمها عن طريق الاحتكاك والمعايشة، وكثير منا ظل يتحدثها بلكنة عراقية حتى احالته الى التقاعد. .
وما ان أصبحت على رأس الادارة العليا في وزارة النقل حتى بادرت بارسال عناصر دورة المرشدين الأخيرة عام 2017 الى العاصمة البريطانية مباشرة لتلقي مهارات اللغة على اصولها في موطنها الأم، ويحصلوا على أهم المؤهلات التي تمكّنهم من مضاعفة فدراتهم اللغوية. وهم اليوم يتحدثونها بمنتهى الطلاقة، وبطريقة تبعث على الفخر لتمثيل العراق في التواصل مع خطوط الشحن البحري.