بقلم : أياد السماوي …
لا شّك أنّ الانسحاب التكتيكي الذي أعلنه زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر يوم أمس ودعوته ما أسماهم ( بالثلث المعطّل ) فرصة التفاوض مع جميع الكتل السياسية وبدون استثناء , هي خطوة يراد منها إحراج خصومه في الإطار التنسيقي , من خلال لعب ذات الدور المتمّثل بعدم تمرير نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية , وضرب عصفورين بحجر واحد .. ولا شّك أنّ السيد مقتدى الصدر قد أراح واستراح بهذه الخطوة وإن كانت خطوة اعتزال السياسية بشكل كامل والانصراف للدرس تحقيقا لوصية والده الشهيد محمد صادق الصدر هي الأولى بالتنفيذ .. السيد مقتدى الصدر بهذه الخطوة أراد أن يقول للشعب والرأي العام العراقي , ها أنذا قد أوفيت بوعدي وتركت خيار تشكيل الحكومة للإطار التنسيقي من غير الكتلة الصدرية , ولينهضوا بمهمة تشكيل الحكومة إن كان ذلك بإمكانهم , وكما قلت ليضرب عصفورين بحجر واحد .. أولا ليقول للرأي العام ها أنذا عند وعدي وقسمي , وثانيا ليقول لهم بعد أربعين يوما تنّحوا جانبا ودعونا نمضي بخيار حكومة الأغلبية الوطنية التي أعلن عنها التحالف الثلاثي لأنّكم فشلتم وعجزتم ..
زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر توّهم أنّ تفكيك الإطار التنسيقي وعزل تحالف دولة القانون ومنعه من المشاركة في تشكيل الحكومة القادمة , سيرسم له طريق تحقيق القيادة المطلقة وبناء دولة الكصكوصة , ولو كان مقتدى الصدر سياسيا محنّكا ويملك فريقا سياسيا محنّكا لعمل الجميع خلال الفترة الماضية على ترميم وإصلاح البيت الكردي قبل أي شيء , لأنّ تشكيل الحكومة يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية ومن ثمّ الانتقال إلى تحديد الكتلة الشيعية الأكبر , ولكنّ السيد الصدر وفريقه السياسي البائس انشغلوا جميعا بهدف واحد هو كيفية تفكيك الإطار التنسيقي وعزل دولة القانون من المشاركة في تشكيل الحكومة القادمة , حيث كان بالإمكان توجيه هذه الجهود نحو تحقيق توافق بين الحزبين الكرديين على مرّشح توافقي يحظى بقبول الحزبين , ولو كان ذلك قد تمّ لما حصل هذا الانسداد ولما فشلت الكتلة الصدرية في تحقيق هدفها المعلن وغير المعلن .. فالانسداد السياسي لا زال قائما حتى بعد الانسحاب التكتيكي للكتلة الصدرية , وتشكيل الحكومة يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية , وتشكيل مجلس الوزراء يبدأ بتكليف رئيس الجمهورية المنتخب لمرّشح الكتلة الشيعية الأكثر عددا .. فإذا لم يحصل هذا التوافق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين سيبقى هذا الانسداد قائما ولن تتشّكل الحكومة القادمة , وعلى الكتلة الصدرية أن تثبت أنّها الكتلة الشيعية الأكثر عددا , فالترابط بين انتخاب رئيس الجمهورية وبين تكليف مرّشح الكتلة النيابية الأكثر عددا حدّدته المادة (76/أولا) من الدستور التي نصّت على ( يكلف رئيس الجمهورية ، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً ، بتشكيل مجلس الوزراء ، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية ) .. ورئاسة الجمهورية هي شأن كردي بحت , وليس لأحد التدّخل في هذا الشأن , إلا بالقدر الذي يساهم في ترميم البيت الكردي وتحقيق التوافق بينهم , وبدون هذا التوافق الكردي سيبقى الانسداد قائما والوضع على ما هو عليه .. وإن كان ثمة تحرّك في هذا المجال , فهذا التحرّك يجب أن ينطلق من زاوية ترميم البيت الكردي وتحقيق التوافق بينهم على تسمية رئيس الجمهورية , وبعد انتخاب الرئيس يعلن في مجلس النواب عن الكتلة الشيعية الأكثر عددا , هذه هي خارطة الطريق لمرحلة ما بعد الانسحاب الصدري التكتيكي , ولا سبيل للخروج من هذا الانسداد السياسي غير السير على هدى هذه الخارطة ..