بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
يرى المؤلف (بيتر زيهان) في كتابه الموسوم: القوى العظمى الغائبة (The Absent Superpower) أن البنية الجيوسياسية للعالم قد تغيرت بأكملها، ولم تعد مثلما كانت عليه قبل تفجر ثورة النفط الصخري فوق أرض الولايات المتحدة، الأمر الذي سيمنحها الاستقلالية التامة في مجال الطاقة، ويحقق لها الاكتفاء الذاتي من دون حاجة للارتباط بمنابع النفط والغاز في بقية ارجاء العالم. .
ينطلق المؤلف من هذه الفكرة ليبني عليها استنتاجاته القائمة على السؤال التالي: (ماذا لو أختارت الولايات المتحدة العزلة، وأصبحت قوة عظمى غائبة ؟). آخذين بعين الاعتبار انها وحدها تشكل القطب الرئيس في النظام الاقتصادي والتجاري الدولي، وتقع على عاتقها مهمات حماية خطوط الشحن في البحار والمحيطات، وتحتل المرتبة الاولى في قائمة البلدان المستوردة للنفط والغاز، وان ابتعادها وانسحابها سيتسبب بانهيار الاسواق العالمية، فبدون مشاركة قارة أمريكا الشمالية ستعود بقية القارات إلى القرن الماضي. .
كان هذا ملخصاً لرؤية المؤلف (بيتر زيهان) وهو خبير في الجغرافيا السياسية، وله عدة مؤلفات عن كيفية تأثير المكان على التطورات المالية والاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكري، لكن رؤيته المحدودة حول زوال القوة الامريكية العظمى تتقاطع تماما مع رؤى الآخرين الذين يرون عكس ذلك. وصدرت مؤخراً عشرات المؤلفات التي تتحدث عن انهيار الإمبراطورية الأمريكية، أبرزها كتاب: (حدود القوة.. نهاية الاستثنائية الأمريكية) من تأليف (آندرو باسيفتش) أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن، وكتاب: (حرب الثلاثة تريليون دولار) من تأليف (جوزيف ستيجلتز) الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2000، و(ليندا بيلمز) أستاذة السياسة العامة في جامعة هارفارد. .
ولو بحثنا في الشبكة الدولية (جوجل) لوجدنا مئات المقالات تتحدث عن قرب انهيار الإمبراطورية الأمريكية، التي ستتحول الى دولة لا تختلف كثيرا عن الصين وروسيا والهند وألمانيا وفرنسا، وقد بنى المحللون توقعاتهم على انسحابها السريع من افغانستان، واعتبروه مؤشرا لضعفها وانهيارها، ودليلا دامغا يشهد على فشلها وأفول نجمها. .