بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
صدرت الطبعة الاولى لهذا الكتاب باللغة الروسية، بينما صدرت الطبعة الإنجليزية التي بين أيدينا عام 2020، والكتاب من تأليف المفكر الروسي الكسندر دوغين (Alexander Dugin)، الرجل الذي يوشوش من وقت لآخر في إذن فلاديمير بوتين. ويُعد من أكبر المدافعين عن روسيا الجديدة، وتنسب له التطلعات الأوراسيوية الباحثة عن هوية روسية قوية في المرحلة التي جاءت بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي. وقد تمت ترجمة كتابه (The Foundations of Geopolitics) إلى معظم اللغات الحية بضمنها العربية، ترجمة (د. عماد حاتم). .
يُعد المؤلف (ألكسندر دوغين) من أشهر المنظّرين السياسيين في روسيا، وله أفكار مثيرة للجدل. وهو من العاملين في مركز أبحاث Katehon، الذي تتهمه صحيفة New York Times بدفع الدعاية الروسية عبر مواقع إخبارية مزيفة. ويعمل موقعه على الإنترنت بـ 38 لغة، ويعرض أفكاراً لليمين المتطرف. .
لقد خطط دوغين للدورات التدريبية في أكاديمية الأركان العامة للجيش الروسي، وشغل منصب الأستاذية في جامعة موسكو الحكومية، وظهر بشكل بارز في وسائل الإعلام التي تديرها الدولة، ووسائل الإعلام المحافظة ذات العلاقات الوثيقة بالحكومة الروسية. أطلق عليه الصحفيون لقب (عقل بوتين)، و (الفيلسوف المفضل لدى بوتين). .
يؤكد (دوغين) دائماً في محاضراته: أن الأطلسيين (الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا) يسعون للسيطرة على العالم من خلال الناتو والمؤسسات الدولية الأخرى. من هنا جاءت أهمية كتابه الذي تناول فيه محاور السياسة الخارجية للاتحاد الروسي في تعامله المتشدد مع حلف الناتو، ويكتسب الكتاب أهمية مضافة باستعراضه الخطط التوسعية الروسية، والرسائل المشفرة التي سار عليها بوتين في تفعيل توجهاته الداخلية والخارجية، وتعامله الحذر مع البلدان التي شكلت تهديداً مباشراً لموسكو. وليس لدينا ادنى شك ان هذا الكتاب يقترب من ان يكون هو المنهاج السياسي الذي سارت عليه الدولة الروسية. .
لا شك ان من أكثر التحركات الروسية إثارة للجدل في هذا القرن كانت:-
- غزو جورجيا عام 2008.
- ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
- اجتياح اوكرانيا عام 2022.
تمتد رؤية (دوغين) الإستراتيجية إلى العالم بأسره. في رؤية طموحة تفوح منها رائحة الأوهام والاحلام. وهناك العديد من النقاط التي تندرج ضمن المخاوف من القوى الغربية. لذا فان أحجار الزاوية في الاستراتيجيته الكبرى ترتكز على ثلاثة محاور:- - محور موسكو-برلين.
- ومحور موسكو-طوكيو.
- ومحور موسكو وطهران.
ليست أفكار المؤلف (دوغين) جديدة، فهو يؤكد في معظم فصول كتابه على حاجة روسيا للوصول إلى البحار الدافئة، وهي سياسة كانت موجودة منذ زمن بطرس الأكبر. ويستشهد كثيراً بالمفكر ألفريد ثاير ماهان، الذي كان ضابطاً في البحرية الأمريكية، وهو صاحب مبدأ الأناكوندا، الذي يتجسد بفرض الحصار على العدو من جهة البحر وعبر خطوطه الساحلية، ومن ثم الالتفاف حوله واستنزافه تدريجياً، وهنا تكمن اهمية التحركات الروسية في الاستحواذ على بحر الآزوف والسواحل الاوكرانية على البحر الاسود. ويفسر أيضاً توجهها نحو نشر قطعاتها البحرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والاتفاق مع السودان على إنشاء مركز بحري لوجيستي لخدمة السفن الحربية الروسية في البحر الأحمر، وتوسيع نطاق أساطيلها بين مضيق باب المندب وقناة السويس، في حين تأتي هذه الخطوة مكملة للقواعد البحرية الروسية في ميناء طرطوس على سواحل البحر الابيض المتوسط. .
ختاماً: يقر المفكر الروسي ألكسندر دوغين بأن له تأثيراً ونفوذاً قوياً على الرئيس فلاديمير بوتين، وله عدة لقاءات متلفزة بثتها الفضائيات العربية، يشرح فيها فلسفته ورؤيته للأفكار الجيوبولتيكية التي يؤمن بها. .