بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
سبق وان اشرنا في مقالات متوالية إلى أهمية الموقع الاستراتيجي للعراق، بصفته جسراً للعالم القديم، وقد ظل العراق محتفظاً حتى الآن بمزايا جغرافية فريدة باعتباره البلد الوحيد الذي يسمح لموانئ الخليج بالمرور إلى قلب أوروبا، ويمتلك فرصة الاستفادة من موقعه بتحقيق اعلى الموارد المالية من خلال رسوم النقل العابر (الترانزيت)، إلّا أن هذه المشاريع تصطدم دائما بسلسلة من العراقيل بعضها سياسي وبعضها تعطيلي. واحياناً تصطدم بمخاوف عراقية خشية أن يصبح ميناء مبارك بديلاً لميناء الفاو الكبير، وهنا يبدأ تصادم المصالح بين العراق والخليج، فمشاريع الربط السككي مع دول الجوار قد تؤثر تأثيراً سلبياً على نشاط الموانئ العراقية المحدودة الأعماق، إذ لا تتجاوز أعماقها 12 متراً كحد أقصى، فيما تمتلك موانئ المنطقة واجهات ساحلية مفتوحة، ومطلة مباشرة على المياه العميقة، وهذا سيؤدي إلى إخراج الموانئ العراقية من الخدمة والمنافسة، وحرمانها من أجور وعوائد السفن والوكالات والخدمات البحرية الأخرى، لكن هذه المخاوف لا تعني بأن الربط بين العراق والخليج سيكون سلبياً بالمطلق، فالربط مع السعودية يمكن أن يحقق منافع جديرة بالاهتمام لإمكانية ربط العراق بالبحر الأحمر، وربط تركيا بموانئ الخليج العربي، وموانئ البحر الأحمر عن طريق القناة العراقية الجافة، ولذلك قامت لجان عراقية – سعودية مشتركة بتحديد المسارات الأولية لمشروع ربط خط السكة الحديدية من محطة السماوة في محافظة المثنى باتجاه منفذ عرعر، وكُلفت بتحديد متطلبات المشروع، وتحديد الإحداثيات والمواصفات وغيرها، وأكد مهندسو المشروع على أنّه قابل للتنفيذ، ومن المؤمل ان تعزز هذه الخطوة قوة الحركة الاقتصادية بين البلدين كما أنها كفيلة بإتمام الربط العربي بالسكة الحديدية، التي يمكن في مدياتها الأبعد أن تشكل ممراً لنقل الحجيج بين دول آسيا الإسلامية المطلة على بحر قزوين وتركيا إلى الأراضي المقدسة بسهولة ويسر وتكاليف أقل. .