بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
قد يبدو للمواطن البسيط أن النص القانوني المنظم لحالة سياسية معينة، هو الخطوة الصحيحة نحو التدبير الأمثل للعلاقات الخارجية، وهي التي تجنب البلد أهوال الصراعات ومخاطر النزاعات، لكنه اعتقاد خاطئ، لأن النص، وإن كان محدد الموضوع، مرتب الفصول والمواد، إلا أنه في نشأته وصياغته لا ينفك عن أحوال وظروف كثيرة، وأسباب عديدة مصاحبة لجميع مراحل إعداده والعمل به، وبالتالي فأن تفسيره وبيانه يعكس إشكالية حقيقية، لها من الآثار العظيمة على مستقبل الشعب ومؤسساته وممارسات أفراده. .
من هنا ينبغي الانتباه الى التناقضات التشريعية بين المادة 201 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، وبين قانون تجريم التطبيع. فالمادة 201 من قانون العقوبات تقضي بإنزال عقوبة الإعدام بمن يحبذ أو يروج للمبادئ الصهيونية والماسونية، أو ينتسب إلى مؤسساتها أو ساعدها مادياً أو أدبياً، أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها. .
بينما قانون تجريم التطبيع يتضمن فقرة تنص على الآتي: (لا تسري أحكام المادة ( 4 ) على الزيارات الدينية المقترنة بموافقة مسبقة من وزارة الداخلية). وهذا يعني انه سيتسبب بتعطيل التجريم الحقيقي الوارد في قانون العقوبات العراقي، ويستبدله بتشريع جديد لتبرير العلاقات مع الكيان الصهيوني تحت عنوان (الزيارات الدينية)، وسيترك الأبواب مفتوحة للاجتهادات السياسية، والمناورات الأخرى المترتبة على (الزيارات الدينية)، التي أصبحت هي المفتاح المرن في التعاطي مع رياح التطبيع. .
وبالتالي نجد أنفسنا أمام تفسيرات متداخلة، وتساؤلات كثيرة تحوم حول نوايا واضع القانون نفسه، والذي ربما يضمر في نفسه رغبة ترمي إلى إضعاف النص الوارد في قانون العقوبات، وخلخلة بنيانه، وتحريف مواده، وتأويلها لغايات وأهداف قد تبدو لنا بعيدة المنال، لكنها وشيكة الوقوع. .
ختاماً: نخشى أن تتحول بعض التشريعات إلى أدوات لتغيير مسارات التوجهات الوطنية، والتحايل عليها، واللعب على الألفاظ والجمل لمغالطة المواطن، وتمرير البرنامج المراد تطبيقه تحت غطاء الاستثناءات. .