بقلم : حسن المياح …
وكيفية التعامل معه ومعها …
《 الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحر المؤمن الواعي الثائر 》
— الحلقة الثامنة —
** الفهم الرسالي الإلهي الإسلامي للتضحية **
لما نهض الإمام الحسين عليه السلام رساليآ ، وثار واعيآ مصممآ عازمآ شجاعآ مريدآ ، لما رأى أن خط الإنحراف عن مسلك خط إستقامة عقيدة لا إله إلا الله قد زادت حدوده وتجاوزت ، وكثرت تفرعاته وتشعباته وتنامت ، وتعدد طرائقه ومسالكه وإستفحلت ، وتنوع أشكاله وأساليبه وتفاقمت ، وتوسع إنتشارآ وشمولآ وإستغراقآ ، وساد على كل الميادين وأحوال وجودات البشر ، بما فيه هم الناس المسلمين البشر …… وهو ( أي الإمام الحسين عليه السلام ) العالم بكامل وتمام دقة تفاصيل تكليفه الإلهي الشرعي على ما هو في حقيقة وجوده الرسالي الإمام المعصوم المنحدر سلسلة إمتداد حركي رسالي لما هي إمامة طيبة طاهرة معصومة تمثل إستمرار خط التواصل الذي لا ينقطع أبدآ لما هو تكليف إيصال الى المطلوب ، لنبوة تبشير وإنذار وتبليغ لرسالة الله سبحانه وتعالى في دين الإسلام ، للوجود الإنساني بكله وأجمعه ، وكماله وتمامه ، وإستغراقه وشموله ، وعمومه وكل ما هو داخل في إستيعابه ….. ، وبما هو ( أي الأمام الحسين ) في مرتبة درجة العصمة عقيدة وتفكيرآ ووعيآ وفهمآ وخلقآ وسلوكآ وتعاملآ رساليآ واضحآ جادآ ، فإنه هو المسؤول تكليفآ إلاهيآ أن يجهر بجهاده المؤمن الكريم المضحي من إجل إنقاذ رسالة عقيدة لا إله إلا الله ، التي جاء هو الإمام الحسين فرض تكليف إمامة ، أن يصون تلك الرسالة الإلهية السماوية الموحاة الى جده النبي الأكرم الرسول الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله ، ويكون الحافظ الأمين لخط إستقامة مسيرة عقيدة لا إله إلا الله الى قيام يوم الدين ، لما هي من رسالة خاتمة خالدة أبد الآبدين ، وهي المحتاجة الى من يديم سريان خلودها على الأرض ، وفي الناس أجمعين ….. ، وأن خلودها وخلود الإمام الحسين عليه السلام الذي هو حافظ إمتدادها وبقاءها الى يوم يبعثون ، ب《 خلود عقيدة لا إله إلا الله 》 المرفرفة سمو خفوق وحرية وخير وسعادة في عالم الوجود والتكوين ، وما تظلله هذه العقيدة التوحيدية الإلهية الرسالية من نعم إلهية ، وخيرات ، وفيوضات ، وبركات ربانية ، على البشر …… لتتحقق صحة ويقين معنى ومضمون المقولة التي تعلن أن الإسلام هو《 محمدي وجود رسالة تبشير ونذير وتبليغ …. ، وأنه علوي رسالة هدي وإتساع نشر وصدق إخلاص إيصال الى المطلوب …… ، وأنه حسيني البقاء رسالة عقيدة توحيد ، وما ينبثق منها من تشريع وأحكام ومفاهيم وقيم أخلاقية ، وما تتضمنه من ذخائر رسالية وكنوز إيمانية ، تدعو الى الخير والصلاح والسعادة والحرية 》……..
وبما أن إستمرار وجود رسالة الإسلام الإلهية الخاتمة الخالدة — التي بعث بها النبي الرسول محمد بن عبدالله صلى الله علبه وآله ، وإمتداد موج تأثيرها ، وإتساع شحن وعيها الى عقول وقلوب ونفوس الناس ، ودوام نشر تشريعاتها وأحكامها ومفاهيمها وقيمها الخلقية ، وبقاءها رسالة إلهية خاتمة ، حيث لا تقبل أي رسالة بشرية وضعية مهما تشرقت وتغربت وتبوصلت تلك الرسائل والآيدلوجيات والأفكار والموضات والتقاليع المزركشة وكانت غيرها ……. — أن تقدم اليها التضحية الواعية المريدة ، والفداء المخلص العزوم ، والقربان الطاهر الكريم ….. ومن أحق ، وأنسب ، واحسن ، وأفضل ، وأكرم ، وأوعى ، وأجمل ، وأبهى ، وأتقى ، وأورع ، وأدهى ، وأمضى ، وأصدق ، وأدق ، وأوفى …….. تضحية وفداءآ وقربانآ ….. ، غير الطهر الطاهر الأوعى الأصدق الأوجب الإمام المعصوم الحسين بن علي بن أبي طالب عليه ، العالم بتكليفه الشرعي السماوي الإلهي ، والعارف بأنه هو المسؤول عنه أولآ ، بما هو تكليف إمتداد إمامة حركية مؤمنة كريمة مريدة عاملة فاعلة مؤثرة هادية ، لما هي مواصلة سير رسالي نبوي متصل لا يفارق ، وإستمرار لا ينقطع ، لأنها رسالة خلود وختام ….. وهذا هو الفهم الرسالي الإلهي الإسلامي القرآني الحقيقي لما هو مفهوم التضحية على أساس مباديء عقيدة التوحيد الإلهية الرسالية في الإسلام ……
وعلى هذا الأساس من الفهم الرسالي القرآني المؤمن الواعي النبيه — لما هي مفاهيم القرآن عن رسالة الإسلام — يكون تفسير سبب قيام الحركة النهضوية الثورية للإمام الحسين عليه السلام ، وما قدمه من تضحيات وفداء وقربان ، وما تحمله من متاعب وقساوة ظروف مادية ونفسية ومعنوية ومشاق وآلام ، وما صبر عليه من هشاشة وجهالة وتخلف وعي المسلمين للإسلام ومفاهيم القرآن ، وعلى ما هو طغيان أموي فاسد مجرم ودكتاتورية تسلط حكومة يزيدية جاهلة منحرفة بلطجية عنيفة لاغية ومنكرة لكل ما هو دين الإسلام ، بما لها من تصرف مكيافيلي مادي بحت يؤثر الذات الحاكمة ، ويستعبد كل ما هو دون وفقآ لتصوره الجاهلي اللاهث العابث المنتقم من كل ما هي رسالة إلهية سماوية ، وما هي عقيدة وتشريعات وأحكام ومفاهيم وقيم خلقية القرآن ، عما هو دين الإسلام …..
وعلى أساس هذا الفهم الرسالي القرآني الواعي لحركة نهضة وثورة وتضحية الإمام الحسين ….. ، فإنه ستدفع الكثرة الغالبة من التفاسير والتأويلات التي تحاول أن تدرس وتفهم ما قام به الإمام الحسين ، وما هي أسباب وبواعث نهضته وتورته وتضحيته ….. !!! ، وسيظهر واقعها ، وتبان حقيقتها ، بأنها تفاسير تحجيم وتقييد ، وتفسيرات تسطيح ومظاهر شكلية ، وأنها قناعات فردية شخصية تقوم على أساس توجه منفعة ومصلحة ، وتبرير وتمرير ، وقصر نظرة وإختلاف وعي ،وما الى ذلك من أهداف شخصية ، وغايات فردية ، تريد أن ترسخها ، وتوهمها ، وتلبسها ، وتستفيد منها مرابحة نفع ذات ، أو مصلحة حزب المستند اليه حالة إنتساب ، أو إنتماء ، أو قربى ولاء ، أو ستار غطاء …..
إذن — ومن كل هذا الشرح المبسط لفهم حقيقة تضحية الإمام الحسين — إن سبب حركة نهضة ، وقيام ثورة ، وتقديم جسد الحسين الطاهر النظيف العفيف تضحية فداء وقربان ….. إنما هو عمق وعي الإمامة الممتدة الإمتداد العقيدي والفكري والمفاهيمي والخلقي والسلوكي العملي والجهادي المضحي ….. وما الى ذلك من أنواع إمتداد ، لما هي النبوة المسؤولة مسؤولية تعيينة مباشرة بتبشير وإنذار وتبليغ التكليف الإلهي الرسالي بما هو إعلان ونشر دين الإسلام — الذي فرضه الله سبحانه وتعالى تكليفآ للنبي الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وإله ، قيامآ حركيآ داعيآ لتأسيس وتوثيق عرى عقيدة لا إلا إلا الله ، بما تشتمل عليه عقيدة التوحيد هذه من تشريعات وأحكام ومفاهيم وقيم خلقية وتعامل سلوكي ، وما عليه من حسن تعبيد خط طريق جريانها المستقيم ، لتكون آيدلوجيتها الفكرية والمفاهيمية والخلقية والسلوكية العملية هي الحاكمة ، وأنها هي النظام السياسي الإجتماعي الأصلح والأنقى والأتقى والأرتب الذي يقود الحياة — بما هو دين إلهي خاتم وخالد …… والذي يتحدث من النصارى والمسيحيين ، وما شابههم وماثلهم في الفهم والتفسير ، من الكتاب والباحثين والمثقفين ، ومن له شأن في ذلك ، عن خلود السيد المسيح ، وما قام به من تضحية وفداء ، إنما هو جاء من خلال تحمله لذنوب البشر أجمعهم ، ومعاناة آلامهم ، ومقاساة العذاب الذي هم فيه ، بديلآ ونيابة عنهم ، غفرانآ لهم تلك الذنوب ، وتبرئة ساحتهم وذمتهم من كل ذنب إقترفوه ، وخطيئة إرتكبوها …….. نقول لهم أن سبب خلود نهضة ، وثورة ، وتضحية ، وفداء ، وذكرى ألم وزخم دم الإمام الحسين الفوار النازف عندما إستشهد ، وقربان جسده الطاهر الشريف الذي قدم ….. إنما هو جاء من — سر وعي — خلود عقيدة لا إله إلا الله في عالم الوجود ……
والخلود الحقيقي الذي أراده الله سبحانه وتعالى وجعله ل《 عقيدة لا إله إلا الله 》في دين الإسلام ( وكل دين هو إسلام من النبي آدم عليه السلام الى قيام يوم الدين ) ، في عالم الوجود والتكوين ….. لم لا يكون من خلود هذه العقيدة ، خلود الثورة الحسينية التي كانت إنبثاق ترجمة عملية من رحم وعيها والإيمان بها ، وتطبيقها سلوكآ عمليآ بكل ما في أحشاءها من تشريعات وأحكام ومفاهيم وقيم خلقية ومضامين فكرية وسلوكية …… ، وكان ترجمانها الحقيقي المؤمن الصالح الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ….. !!! ؟؟؟
وأليس الوليد السليل الخارج من الرحم ، أن يكون بعضآ منه ، وجزءآ ، وأنه الحامل لصفاته وخصائصه ونعوته وإمتيازاته ….. ؟؟؟
وذلك هو الإمام الحسين عليه السلام ونهضته الحركية الثورية المجاهدة المضحية لديمومة بقاء دين الإسلام …….
وهذا التفسير المستقرأ المستنبط الذي توصلنا اليه وفكرنا فيه ، هو تفسيرنا الجديد لما هي نهضة وثورة وتضحية وقربان الإمام الحسين عليه السلام في واقعة ملحمة الوعي والإرادة والعزم والجهاد والنصر في كربلاء ……
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ….
حسن المياح – البصرة .