بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
لقد اتفقت دول الجوار فيما بينها على تقاسم مياه المسطحات البحرية لشمال الخليج العربي، واصبح العراق معزولاً مُستبعداً متقوقعاً على نفسه، وخارج القسمة. فالحدود في منظور أصحاب العقول المعطوبة قسمة ونصيب، وتبينت للقاصي والداني الدوافع الحقيقية وراء تطبيق سياسة تهميش الخبراء، واستبعاد اصحاب الاختصاص، الذين استبدلوهم بالاغبياء وأصحاب العقول المعطوبة والشهادات المزورة. .
فقد زحفت الكويت تحت الغطاء الأممي رقم (833)، واستحوذت على نصف ميناء أم قصر. وتغلغلت حتى لامست جزيرة (حچام) العراقية، الواقعة في مدخل قناة خور الزبير، ولو تتبعت النشرة الجوية الكويتية لوجدت فيها تنبؤات يومية لمتغيرات الضغط الجوي والحرارة والرطوبة في منطقة (أم قصر)، التي انفصل نصفها عن العراق، ليقفز خلف الحدود الكويتية المتمددة بإتجاه البصرة. بينما أقامت إيران محطة بحرية عملاقة في منتصف مدخل شط العرب من جهة البحر، وصارت تصول وتجول ضمن نطاق عمليات ميناء خور العُميّة النفطي. .
وانفردت إيران وحدها بمهمات تأثيث شط العرب بالفنارات والعلامات الملاحية، وهي التي تتحكم بها الآن كيفما تشاء، وتتحكم بخارطة شط العرب إبتداءً من جزيرة ام الرصاص وانتهاءً برأس البيشة. ففقد العراق سيادته على شط العرب وخور عبدالله، وصار اسم شط العرب (اروند روود). ولم يعد مستبعدا ان تتعالى صيحات المطالبة في السنوات القليلة القادمة بضم مدينة الفاو إلى الكويت أو إلى ايران، فبعض الذين يحملون الجنسيات المزدوجة لديهم سندات ملكية في بساتين النخيل الواقعة على ضفاف شط العرب بين المعامر والمخراق وكوت عگاب. وعليمن يا قلب تعتب عليمن. .
ليس الذنب ذنب الكويت، ولا ذنب إيران، ولا الاردن، ولا سوريا. وانما ذنب الذين فقدوا إنتمائهم للعراق، وتجاهلوا الخروقات الحدودية المتكررة. فقد كنا مخدوعين عندما قالوا لنا ان الذئب هو الذي قفز داخل الحقل ليفترس ليلى. ثم علمنا بعد موتها ان جدتنا المصابة بالزهايمر، هي التي تركت ابواب الحقل مفتوحة لكل الذئاب القافزة والمتسللة. .
يقول اشقاؤنا في مصر: (المال السائب يعلم السرقة)، اما في العراق فالمساحات السيادية المهملة، هي التي شجعت دول الجوار على تنشيط هواياتها الموروثة لممارسة الانتهاكات الحدودية حيثما تشاء، وكيفما تشاء، ومتى تشاء. حتى أصبحت لكل دولة من دول الجوار حصة في جبالنا وسهولنا وأهوارنا وأنهارنا وسواحلنا وممراتنا الملاحية. .
ولو عدنا إلى تداعيات تأسيس الهيئة البحرية العراقية العليا، التي عقدنا عليها الآمال الطوال، لوجدنا انها أصبحت عبارة عن شعبة صغيرة مترهلة، تدور في فلك الموانئ، ولا تمتلك الدعم المالي، وذلك بمباركة رئيس لجنة الخدمات النيابية في دورتها الرابعة، وكبار ضباط الأكاديمية عام 2019، وإصرار الوزراء (لعيبي وبندر) على إضعافها وطمس هويتها في بلد حدوده بلا حدود، وخرائطه تتناوشها الزواحف، وتعصف بها العواصف. .