بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
يقولون: إذا أردت أن تهدم البلد: احتقر الموهوب، واستبعد الخبير، واستخف بالكفوء، وادعم التافه. .
حديثنا اليوم يدور حول أحد المدعومين المسنودين المحروسين المحميين. فقد سبق لدائرة البعثات والعلاقات الثقافية أن أقسمت بأغلظ الإيمان: انها لا تذكر شيئاً عن حياته الماضية، وليس لديها أي وثائق عن دراساتها المزعومة، فتسترت عليه الوزارة التي يعمل فيها، وطمطمت الموضوع، وتغاضت عن مخالفاته المتلاحقة، وسمحت له بصرف المخصصات لنفسه كيفما يشاء. ثم عادت وزارة التعليم بعد سنوات لتعلن بصوت عال عن براءتها من شهاداته أمام رجال ديوان الرقابة المالية، وبعلم سيدة الطيف الشمسي، فقال له الداعمون: ولا يهمك، روح اشتغل والهوى بظهرك. .
وأبدى المحللون وخبراء التقييم الإداري شكوكهم بمؤهلاته الوظيفية، ونعتوه بأبشع النعوت والاوصاف. فتطوع السياسيون للدفاع عنه، وقالوا: انه كامل الاوصاف سحرني، والعيون السود خدوني، آه يا ليلي آه يا عين. .
وقال عنه اللوگية ما لم تقله أرقى الجامعات عن مكتشف النظرية النسبية (إلبرت آينشتاين)، وعلقوا على صدره كل النياشين المطرزة بخرزة أم سبع عيون لطرد الارواح الشريرة. .
ثم منحته الحكومة صلاحيات وزير، وحصانة نائب، ورتبة ادميرال، واسبغت عليه الصحافة حلة الملوك والامراء. ثم تبدلت الحكومة بحكومة أخرى، فأبدت الحكومة الجديدة إعجابها بمهاراته الحلمنتيشية، وقدراته الخنفشارية، وعلومه الزنكلونية، فجاء الجواب الشافي والرد الوافي (للمرة الثالثة) من دائرة البعثات ببطلان شهاداته، ثم جاءت التأكيدات تترا من ديوان الرقابة المالية بعدم جواز منحه مخصصات الشهادة غير المعترف بها. فقال له الداعمون: روح بزودك، وقال آخرون: فوت بيها وعالزلم خليها. .
وصدحت أصوات الجماهير بفشلة، وجاب المتظاهرون الشوارع والساحات للتنديد به، وطالبوا بترحيله، فجاءه المدد والعدد من المؤيدين له في كل المناخات الديمقراطية المتقلبة. ثم استوردوا له مادة لاصقة (سيكوتين هندي ابو الهايشة)، من أجل تثبيته على الكرسي إلى ما لا نهاية، وقالوا للمعترضين: اشربوا من البحر . .
اللافت للنظر ان ولاءاته السياسية تغيرت هذه الأيام بتغير الرياح الموسمية، فارتدى جلباب الانتهازية، عملاً بشعار: (اذا الريح مالت مال حيث تميل). .
وظل المواطنون حتى هذه اللحظة يتساءلون عن مصير شعارات التجديد والتغيير في زمن الوعود الكاذبة. .
وأصبح الناس على قناعة تامة بعدم وجود أي مراجعة أو تقييم لاصحاب الدرجات الخاصة، وليس ثمة أمل بتصحيح الأخطاء المرصودة، ولا توجد أية رغبة لتغيير الاوضاع المزرية، فما نراه أمام اعيننا هو استمرار للتخبطات في إسناد المهام الحساسة لبعض الشخصيات الكارتونية، الذين أثبتت التجارب أنهم غير مؤهلين لشغل المواقع العليا نتيجة لاخفاقاتهم المتكررة. راجين من الاحزاب الداعمة لهم ان لا يكرروا الشعارات نفسها في الانتخابات القادمة، ولا يبحروا بنا نحو شواطئ الأوهام، فالشعب لا يُلدغ من جحرٍ أكثر من مليون مرة. . .