بقلم : صامد الشمخي ..
يتساءل بعض الزملاء ويقولون لماذا انت غاضب وتهاجم امانة بغداد والجهات المسؤولة عن العاصمة وتتهمها دائما بالتقصير …
وللإجابة على ذلك اود هنا ان ابين أولا بانني لا اهاجم الامانة فهنالك فرق بين النقد والانتقاد، وعندما اوجه النقد ينبغي على الجهة المقابلة الرد او الانتباه على ما يتم نقده وخاصة اذا جاء من اصحاب المصلحة والاختصاص.
وثانيا اود ان أوضح ان السبب الرئيسي للغضب ورد الفعل القاسي احيانا هو انني من ” جيل البغددة ” والتي تعني في المعجم الوسيط ؛ من انتسب إِلى بَغداد. و ـ تشبَّه بأَهل بغداد. و ـ عليه زَهَا وتكَبَّر.
اي بمعنى آخر عاش في زمن العز والرفاهية التي وفرتها له هذه المدينة.
نحن جيل تربى وتعلم وعاش وبغداد هي الافضل والارقى …
عشنا وبغداد مدينة وعاصمة شامخة عندما كانت الكويت ودبي وعمان قرى لا تستحق الزيارة …
نحن جيل تربى وتعلم في أفضل المدارس والكليات وكانت شهاداتنا هي جواز العبور الى ارقى جامعات العالم.
جيل شاهد أحدث الافلام العالمية والمسرحيات في أفضل المسارح ودور العرض وارتاد ارقى النوادي والمطاعم وتعلم السباحة قي اجمل المسابح.
نحن جيل كانت فيه شرطتنا فيه تمتطي دراجات “هارلي ديفيدسون” ونتنقل بباصات “ليلاند” التي لا يوجد مثيلتها الا في لندن.
جيل كان يقضي اوقاته في التزلج في بارك السعدون وفي اكل المسگوف في كازينوهات ابو نواس.
جيل الچرداغ والجزرة … عندما كنا نسبح بحرية في مياه دجلة العذبة ونستنشق رائحة النهر المنعشة من دون روائح المجاري النتنة ا
جيل معونة الشتاء والكشافة والواي ام سي أي … جيل يحترم المرأة محجبة او سافرة ويساعد الفقراء والمحتاجين.
جيل كانت له قيمه الحضرية … لم يعرف التحرش ولا الرشوة ولا المخدرات ، ولم يكن للفصل العشائري والگوامة والعطوة مكانا لا في فكرهم ولا في مدينتهم.
جيل يحترم الجيرة ويهتم بنظافة بيته ويتباهى بمستوى محلته … جيل لم يشهد يوما انقطاعا للكهرباء او طفحا للمجاري … جيل كان يشرب الماء الصافي من الحنفية ويسقي الحديقة بالماء الخابط.
نحن جيل اوروزدي باك وحسو اخوان قبل ان يكون هناك مول الامارات ومكة مول بعقود …
جيل كانت بغداد فيه قبلة للسياح العرب والاجانب … جيل كان لبغداد فيها مركز حضري تملؤه الحياة والمقاهي والمطاعم والفنادق … كان فيه شارع الرشيد محورا وشارع النهر وسوق الصفافير معالم للتنزه والتسوق.
نعم …
نحن جيل لم يعتاد على ان تكون بغداد في هذه الحال ولم يكن يتوقع في أسوأ كوابيسه ان تحتلها عربات التك تك او تجد الحيوانات واطنان القمامة طريقها الى شارع الرشيد.
جيل كانت فيه بغداد نموذجا يحتذى وتتطلع المدن في المنطقة الى نقل تجربتها اليها … لا كما هي اليوم مضربا للامثال كأسوأ مدينة في العالم …
بعد ان شهدت كل هذا وعشته في مدينتي التي عدت اليها لأراها محطمة وبهذه الحال، هل تتوقعون مني ان اهنيء امانة بغداد وابارك لها زراعة حديقة او اكساء شارع او صيانة مبنى او نقل نصب ؟
أَبكيكِ يا بغداد كل يوم وأقيم مجلسا للعزاء عسى ان يتذكروا محاسنك … *فيحاولوا احياءك من جديد !