بقلم المهندس الاستشاري:- حيدر عبدالجبار البطاط ..
مدينتي البصرة التي كانت يوم من الايام تسمى فينيسيا الشرق و عشق السياب الجميلة.
الان تحاط بسحب من اللهب والدخان ناجمة عن حرق الغاز المصاحب لانتاج النفط.
الذي يسبب الدمار للمواطن البصري صحياً حيث ان بعض الاحصائيات تشير الى ان نسبة الاصابة بالسرطان لساكنيها يقترب من تسعة الاف شخص في العام الواحد.
هذا بالاضافة الى الامراض التنفسية و الجلدية الاخرى.
و بعد كل دورة انتخابية يكونا اول فقرة في البرنامج الحكومي الذي تنادي به السلطات العراقية هو معالجة هذه المشكلة البيئية و الاقتصادية !!!!
و لكن لم يتحقق اي وعد سابقاً بسبب الفساد و الخونة و عدم توفر الارادة الحقيقية للقضاء عليهم.
و تقوم الشركات النفطية بعملية حرق الغاز لأن ذلك أقل تكلفة من معالجته وبيعه بالنسبة لهم.
مع علم هذه الشركات الاحتكارية ان هذا الغاز المحترق مصدر كبير لتلوث الهواء وانبعاثات الغازات الدفيئة.
و هي لا تسمح فيه في بلدانها و تسمح به في العراق الذي يستورد كميات كبيرة من الغاز لتشغيل مولدات الكهرباء!!!!!!
ان الكميات المهدورة من الغاز بامكانها توفير الكهرباء لأكثر من 3 ملايين منزل في العراق مع توقف استيراد الغاز الذي يسبب هدر اضافي للمال العام.
وأعلنت وزارات النفط المتعاقبة على البلاد في السنين الماضية عن أهداف زمنية لوقف حرق الغاز و لكن لم يتحقق اي من هذه الاهداف لان قرار العراق بيد الشركات الاحتكارية التي مولت احتلال العراق.
علماً ان العراق في 2017 انظم إلى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي تقضي بوقف حرق الغاز بحلول عام 2030.
اضافة الى ان العراق يقوم بهدر ثروات عملاقة نتيجة حرق الغاز المصاحب .. فأنه يخسر ثروات كبيرة باستيراده الغاز من الدول المجاورة لسد حاجته من الطاقة.
و يجب ان اثير تساؤلات و استغراب كبير جداً ؟؟؟
ان شركة مثل ايني التي قبل ايام من نهاية ٢٠٢٢ اكتشفت و استثمرت الغاز في عرض البحر قرب سواحل قبرص في عمق مائي ٢٣٠٠ متر … و لديها باع طويل في استثمارات الغاز في اعماق البحار و المحيطات تعجز عن استثمار الغاز على اليابسة في حقول سهلة مثل الزبير و سفوان و ام قصر!!!
و هذا يشمل جميع الشركات العملاقة التي تعمل في العراق مثل أكسون موبيل و بي بي و …… الخ
اذن الموضوع ليس عجز هذه الشركات العملاقة و لكن هناك امر اخر يعلمه اغلب السياسيين و المتصدين في الوزارة و الشركات النفطية ؟؟!!
الى متى يبقى العراق تسرق امواله التي وهبها الله لهُ من ثروات طبيعية مثل النفط و الغاز و يقتل أولاده بهذه النعمة التي اصبحت نقمة علية و على أبنائه مقابل الاستفادة لبعض الاشخاص التابعين لهذة الشركات الاحتكارية التي اخرجها العراق بقرار التاميم العظيم و عادة لتنتقم من هذا الشعب الذي اخرجها.
و هنا استذكر قول الشاعر عطا السعيدي
سحقاً يا نفط يا لعنة التاريخ يا نظرة حسد بعيون مكحولة من يوم الطلعت بگاعنه لليوم جنابك مشتعل والناس مشعولة
ان منطوق الدستور العراقي إن النفط هو ثروة الشعب العراقي بكل قومياته وأديانه ومذاهبه، ولكن هل فعلاً إن هذا الشعب قد استفاد من الإيرادات المتحققة من تصدير النفط أم إن جميع الإيرادات ذهبت إلى جيوب اللصوص؟!!!!
و يجب ان نقولها بصراحة … إن ما لدينا من ثروة نفطية، مستكشفة او غير مستكشفة ( أي مازالت تحت باطن الأرض ) ان قيمتها الإجمالية بـ( ١٦ ) ترليون دولار.
وهو لا شك رقم مهول و كبير جدا جدا إذا ما قيس بالأرقام الأخرى.
و هو كافٍ لبناء عراق جديد من أقصاه إلى أقصاه باحدث التكنولوجيات وتحويله إلى بلد مزدهر ومتقدم يضاهي أكبر دولة متقدمة حالياً في العالم من حيث الطرق والجسور العملاقة والمجمعات السكنية الراقية والأنفاق وطرق المواصلات والكليات والجامعات والمدارس والمستشفيات وكل ما يحتاجه ويطمح إليه العراقي.
ناهيك عن أن الثروة العملاقة بمقدورنا أن نخصص جزءاً منها لكل فرد من أفراد الشعب وحتى لكل عراقي يولد لاحقاً..و نظمن حياة كريمة لجميع الاجيال لمئات السنين القادمة إنني إذ أطرح ذلك ليس لأنني أتخيل أو أتمنى فقط، ولكن هذا هو ما مطلوب ويجب أن يكون واقعاً معيشياً وحقيقياً..
وليصبح العراق الدولة النفطية اسماً على مسمى وليس فيه ( ٩ )ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر وطلاب يفترشون الأرض بلا مقاعد دراسية ومرضى بلا أدوية أو علاج !!!!
وأعود لأقول إن العراق مقبل على دمار و ضياع و جوع بعد ٢٠٣٥ … و لكن الخير مقبل إذا ما توفرت همة للرجال الخيرين المخلصين لوطنهم ؟؟؟
و اخيرا اقول تباً و سحقاً للخونة و سراق المال العام الذين دمروا ماضي و حاضر العراق و اذا ما استمروا سوف يدمرون مستقبل العراق …..