بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
اغرب ما سمعناه وشاهدناه هذه الأيام، هو وقوع رؤساء كبار في المصيدة الكوميدية التي نصبها لهم أبطال المقالب الساخرة، والتي لا تخلو بطبيعة الحال من الدهاء والذكاء والاختراق، فعلى الرغم من تعقيدات الإجراءات الأمنية والاحترازية المشددة، استطاع الكوميديان الروسيان (فوفان – لكزس) خداع الرئيس البولندي (اندريه دودا) بانتحال شخصية الرئيس الفرنسي (ايمانويل ماكرون)، ويتحدثا معه لمدة سبع دقائق، انتزعا فيها اعترافات واسرار في غاية الأهمية. .
اللافت للنظر ان التواصل بين الرؤساء لا يجري بهذه الطرق الساذجة، بل وفق أصول وقواعد. ولا يرفع الرؤساء سماعات هواتفهم، إلا بموجب تدابير وإجراءات دقيقة يلتزم بها الطرفان، وبخطوات بروتوكولية تتعلق بقواعد السلوك والتصرف بين أصحاب المراكز السياسية. لكن الرؤساء هم الذين اوقعوا أنفسهم في هذا الفخ، وربما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول المتمردين على البروتوكولات عندما مرر رقم هاتفه الشخصي المباشر للإيرانيين بواسطة الجانب السويسري بحسب المعلومات المسربة الى الإعلام الأميركي. .
واعترف وزير الدفاع البريطاني (بن والاس) عام 2022 انه وقع في فخ دبره له مخادع انتحل صفة رئيس وزراء أوكرانيا. وقالت وزيرة الداخلية البريطانية (بريتي باتيل) أنها تلقت مكالمة مماثلة كانت فيها ضحية للخداع والانتحال. وبالطريقة نفسها تم خداع رؤساء بلديات العديد من العواصم الأوروبية لإجراء مكالمات فيديو مزيفة بواسطة تقنية (التزييف العميق) ظنوا أنها مع نظيرهم في كييف (فيتالي كليتشكو). .
آخذين بعين الاعتبار ان تقنية التزييف العميق تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعديل الصورة والصوت في مقاطع الفيديو لجعلها تبدو كما لو أن شخصاً ما قال أو فعل شيئاً لم يفعله، فيما يعود أساس التقنية إلى عام 1997 لكنها انتشرت بشكل واضح منذ عام 2018. .
والسؤال الذي يطرح نفسه يقول: إذا كانت الاساليب الكوميدية المخادعة انطلت على مخابرات الرؤساء في أوروبا، فما بالك بمكاتب الرؤساء والوزراء العرب ؟، وهل هم بمنأى من خروقات انظمة التجسس على هواتفهم الشخصية ؟. .
وللحديث بقية. . .