بلاويكم نيوز

لا سلطان على القضاء لغير القانون ..

0


بقلم أياد السماوي ..
قبل البدء بمناقشة الارتدادات المتشّنجة التي أعقبت قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي قضى بإلغاء كلّ القرارات الخاصة بتحويل الأموال من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد إلى حكومة إقليم كردستان خلافا للقانون , لا بدّ لي أولا أن أقف ويقف معي كلّ عراقي غيور وشريف وحريص على مصالح الشعب العراقي بكافة مكوّناته الأثنية والقومية , وقفة إجلال وإكرام لرجال المحكمة الاتحادية العليا الشجعان الذين جسّدوا بقراراتهم التاريخية قول الله تعالى ( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) , وأتوّجه أولا بالتحيّة والإجلال لرئيس المحكمة القاضي ( جاسم محمد عبود ) الذي جسدّ عبر مسيرته في المحكمة الاتحادية العليا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ) , كما وأتوّجه بالتحيّة للسادة قضاة المحكمة الاتحادية العليا الذين جسدّوا قول الله تعالى (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ..
والدستور العراقي في المادة ( 19 / أولا ) نصّ على ( القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ) , ونصّ في المادة ( 88 ) ( القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لاّيّة سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة ) , ونصّ في المادة ( 94 ) ( قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ) .. وكلّ هذه النصوص الدستورية لا تجيز لأيّة سلطة التدّخل في شؤون القضاء أو في تسيير شؤون العدالة , فليس من الحكمة ولا من الكياسة أن توصف المحكمة الاتحادية العليا من قبل ( مسعود بارزاني ) بأنها ( محكمة الثورة ) , فمثل هذه التوصيفات المهينة تندرج تحت عنوان إهانة القضاء العراقي , حيث جاء في المادة 229 من قانون العقوبات العراقي رقم ( 111 لسنة 1969 ) ( يعاقب بالحبس ‏كل من أهان محكمة قضائية ) ..
وما جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا قبل يومين كان يجب أن يصدر قبل هذا التاريخ ويحال المخالفين الذين تصرّفوا بأموال الشعب العراقي خلافا للقانون , والقرار جاء لإيقاف نزيف أموال الشعب العراقي المرسلة من بغداد إلى أربيل خلافا للدستور الذي جعل النفط والغاز ملكا لكلّ الشعب العراقي في كلّ الأقاليم والمحافظات , وخلافا للمادة ( 11 / أ , ب , ج , د ) من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2021 .. فهل من العدالة والإنصاف أن تسلّم البصرة كامل نفطها المنتج والذي يصل إلى حوالي ستة ملايين برميل يوميا إلى الحكومة الاتحادية وتمتنع كردستان عن تسليم نفطها بحجّة عدم وجود قانون للنفط ؟ أيّ منطق وأيّ عدالة هذه ؟ فإذا كان السيد مسعود بارزاني قد اتّفق مع السياسيين الشيعة والسنّة على إرسال حكومة بغداد الأموال للإقليم من دون تسليم كامل نفط وغاز كردستان المنتج , فعليه أن يلحق بهم .. وبدوري أناشد نواب الشعب العراقي الغيارى بتقديم الشكاوى على رئيس الوزراء السابق مصطفى عبد اللطيف مشتت ووزير ماليته أمام القضاء العراقي لتفريطهم بمال عام الشعب العراقي , وكذلك تقديم الشكاوى على حكومة إقليم كردستان لعدم تسليمها النفط وعائداته إلى الحكومة العراقية .. فلا تهاون بعد اليوم مع لصوص وسرّاق ثروات الشعب العراقي , فلا سلطان بعد اليوم على القضاء العراقي ورجاله الميامين الشجعان .. عاش القضاء العراقي وعاشت المحكمة الاتحادية العليا على هذا القرار التاريخي ..
أياد السماوي
في 27 / 1 / 2023

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط