بقلم : سمير داود حنوش …
مُخطئ وغارق في الإستغفال من يعتقد أو يظن أن سرقة القرن كانت عبارة عن نهب أكثر من ملياري دولار، في حقبة من أسوء مراحل التاريخ التي مرت على العراقيين بسنواتها العِجاف، من ظن ذلك فهو مُخطئ حتماً.
أيها العراقيون سرقة القرن هي إختطاف حقبة زمنية من أعماركم بواسطة شرذمة إستباحت كل شيء في الوطن لنهبه وسرقته.
سرقة القرن هي الجريمة التي حصلت تحت مسمع ومرأى رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي وربما بتواطئ معه عندما زار ذلك المسؤول التنفيذي الأول في بدايات أيام حكمه هيئة التقاعد ليتفاجئ المتقاعدين في اليوم التالي بإستقطاعات من رواتبهم الضعيفة والمتهالكة.
سرقة القرن بدأت عندما كان رئيس الحكومة يصرخ في الفضائيات بأن رواتب الموظفين مُهددة وإن مستقبلهم مجهول في تهديد واضح لقطع أرزاقهم، أزمة تتلوها أزمة كانت الحكومة تفتعلها لتكون الخاتمة حكاية إرتفاع سعر الدولار، بالمحصلة في كل يوم كانت هناك حادثة سرقة قرن جديدة، ومن المؤكد أن الساسة الذين أجلسوا الكاظمي على كرسي الرئاسة لايعترفون بخطأهم الفادح، ليُعلنوا أن جريمة الحكومة السابقة تلخصت بسرقة القرن التي لاتتجاوز المليارات الثلاثة من الدولارات.
ماخفي كان أعظم من ذلك الزمن الأسوء، بدأت تتضح معالمه حين أقر القضاء مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لوزير المالية في تلك الفترة عبد الأمير علاوي ومدير المكتب الخاص وكبار موظفي رئاسة الوزراء، وربما القائمة تطول في الأيام القادمة.
لايتحمل الكاظمي وفريقه الحكومي المسؤولية كاملة وحدهم، بل يتحملها البرلمان الذي سكت عن أفعالهم وزعماء الأحزاب والكتل الذين كانوا يسمعون ويشاهدون أفعال الحكومة وهم في صمت مُطبق، وتتحملها الأبواق المأجورة التي كانت تتغنّى بإنجازات الكاظمي وتصرفاته والذين لازال البعض منهم يحتفظ بنفس مواقعه ليتغنّى بحكومة السوداني.
عندما كنا نقول ونكتب ونحذّر من جرائم الحكومة ضد الشعب، كان الكثير ينتقدون كلماتنا ويُعاتبون ويتهمون من يقف بالضد من هذه الحكومة بالطابور الخامس.
لم تكن إنجازات الحكومة السابقة سوى أفعال فيسبوكية تتباهى بها جيوش الذباب الألكتروني التي جنّدها وأنشأها الكاظمي من سرقة أموال اليتامى والجياع والأرامل، حينها كنا نُعلنها صراحة أنه مجرد هُراء وسفسطة كلام لحاكم معتوه لايُجيد حتى فن الحديث.
حين نتحدث عن حقبة الكاظمي المظلمة لايأخذنا الإعتقاد أن الفترات السابقة التي مرت على العراقيين كانت تحمل الكثير من الأحلام والحياة الوردية، لكن من سوء حظهم أن الكاظمي كان من أسوء السيئين حُكماً وحقبةً.
يوماً بعد يوم تنكشف معلومة أو حادثة أو فعل إرتكبته الحكومة السابقة في تلك الفترة لتؤكد صواب النقد حين كنا نوجه لها أصابع الإتهام وخطأ الآخرين في السكوت عنها.
في الأيام القادمة ربما سيُكشف المستور عن أحداث أكبر وأفضع وجرائم بحق الشعب إرتكبها السابقين من نهب وسرقة وبيع للوطن.
جريمة الكاظمي لاتكمن فقط في خداعه وإحتياله على من جاء به إلى السلطة، ولكن لمن ساعده بالصعود على جماجم ضحايا تشرين الذين صعد على أكتافهم للوصول إلى كراسي الحكم على أمل أن ينتقم من قاتليهم، ولكنه خدعهم في أكبر عملية خُدعة وإحتيال للطرفين، وتلك هي سرقة القرن التي نتحدث عنها.