بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
اثبتت الأدلة المعلنة حتى الآن ان تسريب الوثائق الأمريكية السرية لم يكن بقرصنة الكترونية، أو بمؤامرة روسية، وإنما بسبب الإهمال وعدم إهتمام واشنطن باسرارها، وتعاملها بلا مبالاة مع ملفاتها ذات الأهمية القصوى. فأصبحت اسرارها بين أيادي العاملين في الكرملين، بضمنها التقارير التي تتحدث عن مشاكل الذخيرة في أوكرانيا، ودفاعاتها الجوية، ومدى مشاركة الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا، وبعض أساليب جمع المعلومات الاستخبارية عن روسيا، بما في ذلك تكنولوجيا الأقمار الصناعية غير المعروفة، ومدى تجسس واشنطن ضد أصدقاءها في أوكرانيا وكوريا الجنوبية وإسرائيل.
الأمر الأكثر منطقية في هذا الأمر هو الاتهامات الموجه لروسيا، التي يقال انها نفذت مشروعاً مدروساً أحرجت فيه واشنطن، وهذا ما جاء على لسان بعض المسؤولين الامريكيين. .
ظهرت أول دفعة من الوثائق المسربة على منصة (Bear vs Pig) وتعني الدب مقابل الخنزير، وهي منصة يشترك فيها 19 عضواً. ويبدو أن العنوان كان إشارة إلى مقطع فيديو انتشر العام الماضي حول خنزير يصارع دباً في ولاية كونيتيكت. ثم نشرت تلك المنصة المزيد من المستندات بمرور الوقت. في حين كانت منصة أخرى تنشر مستندات مسربة حول الحرب الاوكرانية، وبعد بضعة أشهر، قام مراهق أمريكي بنشر وثائق عالية السرية على نطاق أوسع، ثم أخذت الوثائق المسربة طريقها إلى قناة Telegram الروسية، وبما يعزز الاتهامات الموجهة إلى روسيا باعتبارها من الاطراف المشاركة في الاستحواذ على الوثائق. وهذا ما يقلق الولايات المتحدة وحلفاؤها. لكن المثير للدهشة ان عدد الذين لديهم تصريحات تخولهم الإطلاع على أسرار الحكومة الأمريكية أكثر من مليون شخص وربما أكثر، وأشارت وسائل الإعلام الأمريكية إلى مستندات تحمل ختم (سري للغاية) تم العثور عليها في مركز أبحاث تابع لجامعة بنسلفانيا في واشنطن. .
من هنا قررت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها بصدد مراجعة سياساتها الاحترازية بهذا الشأن. فكلما كثر المعنيون بكتمان الأسرار إزدادت ضياعاً. وكل سر جاوز الاثنين شاع، فما بالك إذا كانوا أكثر من مليون ؟.