بقلم: الاستاذة زهراء حيدر البطاط ..
شهدت الفترة بعد عام ٢٠٠٣ صدور القانون الجديد للبنك المركزي العراقي الذي كرس استقلالية
البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية وكان من أبرز ملامح تلك الاستقلالية قرار البنك المتعلق
بالتوقف عن طبع النقود لتمويل العجز في الموازنة العامة.
لذا لجأت الحكومة إلى إستخدام الأسلوب البديل وهو التمويل بالدين والأداة الائتمانية المستخدمة
في ذلك هي إصدار السندات أو إذونات الخزينة وبيعها إلى المصارف التجارية وسوق الأوراق
المالية لتوفير التمويل .
ومن مزايا هذه السياسة أنها لا تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم لأنها لا تؤدي إلى الزيادة في
معدلات نمو عرض النقد من النقود عالية القوة، وهي تعمل فقط على نقل القوة الشرائية من
الجمهور إلى الحكومة، .
ألا أن زيادة الاستدانة باستخدام أسلوب المزاد و كما يحصل حاليا أدى إلى رفع معدلات الفائدة
الحقيقية في القطاع المصرفي، خصوصا بعد أن تحرر هذا السعر من إجراءات الكبح المالي بعد
قيام البنك المركزي في عام ٢٠٠٤ بتعويم أسعار الفائدة على الإيداع الإقراض ومنح البنوك
التجارية حرية تحديد أسعار الفائدة
غير أن لجوء الحكومة بشكل متزايد إلى التمويل بالدين قد أدى إلى زيادة الضغط على الاستثمار
الخاص وهو ما يعرف )بالازاحة خارجا ( وقد أدى ذلك الاتجاه إلى رفع أسعار الفائدة وزيادة تكلفة
الاقتراض وسيقود في النهاية إلى عزوف القطاع الخاص عن الاستدانة من البنوك التجارية،
فدخول الحكومة كمنافس للقطاع الخاص على الموارد المالية المتاحة، قد رفع من مستوى الطلب
الكلي على القروض وأدى إلى إرتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، وسيؤدي ذلك إلى تخفيض
مشتريات المستهلكين وخاصة من السلع المعمرة والسلع الأخرى التي تتطلب الاقتراض من
المصارف وبخاصة السلع الحساسة لأسعار الفائدة كالسيارات والعقارات كما سترتفع تكلفة
الفرص البديلة للمشاريع الاستثمارية مما يجبر قطاع الأعمال على تأجيل الإنفاق على تلك
المشاريع .
لذلك فأن أرتفاع سعر الفائدة الحقيقي الذي سببه العجز في الموازنة سيضغط أو سيزيح الإنفاق
الخاص عموما )الإنفاق الاستثماري(، هذا فضال عن الدور الذي تلعبه التوقعات التضخمية التي
ترافق العجز في الموازنة العامة التي ستدفع المصارف إلى رفع سعر الفائدة على الودائع
المتوسطة والطويلة الأجل كما حدث مؤخرا .
ويمكن التخفيف من آثار تلك السياسة من خلال ممارسة الشفافية في الإعلان عن مؤشرات
السياسة المالية المستقبلية وبخاصة مؤشرات الإنفاق الحكومي ومعدلات الدين العام ومعدلات
الضرائب التي سيكون لها الأثر الايجابي على بنية الودائع من حيث أجلها الزمني، ألن الضبابية
وعدم وضوح تلك المؤشرات سيؤثر سلبا على قدرة قطاع الأعمال على الاقتراض لتمويل
إستثماراته وبالتالي ستتقلص الفرص أمام القطاع المصرفي لتوظيف موارده المالية، كما أن
القرارات الصائبة لقطاع الأعمال ستكون بحاجة إلى وجود نظام مالي شفاف يرفع من مستوى
ثقة المستثمر ويقنعه بتوجيه إستثماراته نحو المجالات التي ستزيد من حجم الطاقات الإنتاجية
أو تزيد من فرص التشغيل .
-التوصيات .
-١تعزيز استقلال القرار المالي والنقدي وان يكون مبنيا على أساس الوضع الاقتصادي القائم
والمتوقع مستقبلا بعيدا عن التجاذبات السياسية والحزبية للكتل السياسية المختلفة المشاركة
في العملية السياسية .
-٢ عقد لقاءات دورية واستثنائية )حسب متطلبات ومستجدات الوضع الإقتصادي للبلد ( ما بين
ممثلي كل من وزارة المالية والبنك المركزي والعمل بالتوصيات والقرارات التي قد تنتج عن
هذه اللقاءات وبدعم من وزارة التخطيط لما لها من دور كبير في تحديد الأولويات الاقتصادية
المختلفة وتجهيزها للمهتمين بالشأن الاقتصادي بقاعدة بيانات عن الوضع الاقتصادي للبلد.