بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
عيدٌ بأية حال جئت يا عيدُ بما مضى أم بأمر فيك تجديد. . في بلدان العالم المتحضر لديهم أعياد جميلة في عطلة نهاية الاسبوع، وهذه الأعياد تتجدد أسبوعيا في كل مدينة، حيث يبتهج الصغار والكبار ويحتفلوا في الحدائق والمتنزهات، إما في السودان فلا وجود للافراح حتى في الأعياد والمناسبات الوطنية. ليس سوى سحب سوداء كثيفة تنصب خيامها فوق الخرطوم وضواحيها، وترسم صورة كئيبة في أول أيام عيد الفطر، فلا أمن ولا أمان في كل مكان، حتى المستشفيات صارت تتعرض للقصف العشوائي، وشهدت 55 منها هجومات عنيفة، فخرجت 80% منها عن الخدمة. .
مئات القتلى وآلاف الجرحى في صفوف المدنيين وسط أوضاع استثنائية وغير مسبوقة، كانت مصحوبة بإنهيار شبه كامل للمنظومة الصحية. .
انفطرت قلوب السودانيين من الحزن والخوف والقلق في عيد الفطر المأساوي، الذي جاء في ظروف دامية بين دوي الانفجارات وازيز الرصاص وصرخات الاستغاثة، بينما يستمر النزاع والاقتتال بين الأخوة الاعداء. وربما يصبح الوضع أكثر تعقيداً في بقية أيام العيد، وتتواصل عمليات النزوح من مناطق الاشتباكات إلى مناطق أخرى أكثر أمنا داخل البلاد. في غضون ذلك، بات إجلاء الرعايا الأجانب أكثر صعوبة بسبب تواصل الاشتباكات وإغلاق مطار الخرطوم. ونفذت السلع من المتاجر والأسواق بسبب ضعف الامداد. .
لم يشفع شهر رمضان للسودان، ولم يشفع لهم العيد من الموت برصاص القوى المسؤولة عن حمايتهم، فلم تترك دباباتهم مجالا للفرح في خضم القتال المحتدم الآن داخل المناطق المأهولة. .
في العيد تستمر المعارك الضارية بين القوات المتخاصمة ضد بعضها البعض دونما اكتراث للدمار الذي خلفته وراءها، ودونما اهتمام للاطفال والنساء والشيوخ والمرضى، حتى بات من المؤكد ان الطرفين يسعيان إلى الانتحار الشامل. إما الاستحواذ على السلطة عن طريق البندقية أو الموت. وهكذا تتجدد الاشتباكات بلا هوادة مهما بلغت الخسائر والفواجع والآلام والكوارث حتى لو احترقت السودان كلها. فلغة الحسم العسكري هي التي تسيطر على الميدان، ولن تنتهي هذه المهزلة إلى أن يقضي احدهما على الآخر، أو تحدث معجزة تنتشل الناس من هذا الكابوس المرعب. .