بقلم: هادي جلو مرعي ..
زيارة رئيس تحالف السيادة الشيخ خميس الخنجر الى أحد المساجد في بغداد التي شهدت إحتكاكا نتيجة سوء فهم ويقع في منطقة تنوع فكري وعقائدي، وتأكيده على حرمتها وصيانتها وضرورة جعلها أماكن لدعم السلم ومبادىء التسامح والمحبة أمر غاية في الأهمية في هذه المرحلة الإنتقالية التي لاتحتمل الذهاب الى مواضع التشكيك والتدافع الفكري غير المحمود الذي يثير الضغائن حول قضايا محل جدل وحوارات مستمرة قد لاتؤدي الى نتائج لإعتبارات مرتبطة بتمسك كل فرد برؤية وتصور لايحيد عنهما خاصة وإن العالم الإسلامي برمته يمثل منظومة فكرية وعقائدية تشهد تزاحما وتفسيرات وتأويلات لكل فعل ولكل حدث ولكل قول ولكل موقف فإذا إنزاح أحد ما الى تلك الدائرة أخذ معه غيره وتجمع كثر حول طاولة لن يتفقوا بعد قيامهم عنها بل سيزيد الإحتقان والفرقة والأجدر أن يفكر المسلمون في الحوار ليتعايشوا لا ليقنعوا بعضهم البعض بصحة معتقد على حساب الآخر حيث اللاجدوى من ذلك مع تأصل الأفكار وتجذرها في النفوس والعقول.
نحن اليوم نغادر مرحلة مأزومة دفع ثمنها العراقيون جميعهم دون إستثناء، فبعد دخول القوات الأمريكية الى العراق في التاسع من نيسان عام 2003 كانت التوقعات تشير الى تشكيل نظام سياسي متوازن غير إن إعلان الولايات المتحدة نفسها بلد إحتلال للعراق وفقا لقرار أممي جعل الأمور تأخذ منحى آخر أكثر حدة وتطرفا مع تصاعد الرفض للوجود الأمني وإعلان قوى محلية وإقليمية المقاومة للوجود الأجنبي ويبدو إن الطائفية كانت سلاحا مؤثرا له الطامعون في الساحة العراقية والباحثون عن نفوذ وتأثير وقد إنساق البعض الى الدعاية الطائفية المقيتة وكان الشعب هو الضحية ولعل من مؤشرات ذلك قرار الجنرال ديفد بترايوس قائد القوات الأمريكية المحتلة في العام 2007 بوضع حواجز كونكريتية لعزل الأحياء السكنية عن بعضها بحجة منع الإحتكاك الطائفي وكان ذلك في جانبي الكرخ والرصافة من العاصمة بغداد دون السعي لإنهاء المشكلة التي تماهى معها النظام السياسي والإعلام والجوار الدولي الذي إستثمر ذلك لصالحه ولم يبذل جهدا لوقف تداعيات ماجرى في حينه.
مغادرة الأزمة الطائفية وترتيب أوراق البيت العراقي يمثل شراكة وليس مسؤولية تقع على طرف دون آخر فالديانات والمذاهب والقوميات تنوع جيد ومن المعيب تحويله الى مشكلة لإن إنعكاسات ذلك غاية في السوء تحول أي بلاد الى ساحة فوضى وتنازع وعدم ثقة وتعطل حركة البناء والإعمار والإستثمار وتقلل فرص النجاح والتواصل مع الخارج الذي لايمكن له الوثوق بفرص يعرضها الداخل مالم تكن عوامل الأمن وقوانين الإستثمار والضرائب وسمات الدخول والعمل مهيئة بالكامل واهم من ذلك عندما يكون هناك توافق سياسي وسلم أهلي وبيئة سياسية وأمنية ملائمة تدفع الخارج الى الدخول والبحث عن فرص إستثمار حقيقية تعود بالنفع على المواطنين والمؤسسات المحلية، ونحن بحاجة الى ترويج أفكار أكثر مرونة وإعتدالا بين مواطنينا ودفعهم الى التفكير بالمشتركات طالما إنهم يسقون زروعهم من ذات النهر ويستخدمون ذات الطريق وينظرون الى ذات السماء ويتنفسون ذات الهواء ووجوههم تتشابه ولسانهم واحد عربي فصيح ودياناتهم ومذاهبهم هي مذاهب وديانات الله لإنها إجتهادات وتعاليم ودورس ومدارس فهي أفكار تتلاقى وليست سيوف ورماح تشتبك في ميدان معركة وإذا ماكان لابد من الصراع فليكن محصورا في ساحة الفكر والمعرفة وعلى الجميع أن يتحرك نحو هدف أسمى وهو الإنسانية التي هي بوتقة ينصهر فيها الدين والمعرفة والعشيرة والتاريخ والجغرافيا والحضارة برمتها التي صنعتها عبر آلاف من السنين معارف وحكم وتضحيات وقرارات حاسمة.