بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
جاءت النظرية النسبية العامة بفكرة البعد الرابع، ثم جاءت نظرية الأوتار (Strings theory) بفكرة البعد العاشر أو الحادي عشر. وهي ليست نظرية بالمعنى الدقيق، لأنها قائمة على فرضيات رياضية مكتوبة على الورق. . فرضيات غير مثبتة على الصعيد العملي التجريبي حتى الآن. فهي تعتمد على رؤية فئة من علماء الفيزياء يعتقدون بوجود أبعاد متعددة غير مرئية. تكوّرت داخل الفضاءات المتناهية في الصغر، والفضاءات المضغوط جداً. فإذا كانت الفضاءات مضغوطة ومنكمشة ومتقزمة بقياس 10 مرفوعة للقوة السالبة ( 32- ) سنتمتر، لن نتمكن من رصد الأبعاد. وربما تكون الأبعاد خارج تصورات عقولنا وخارج مديات أبصارنا من حيث العظمة والضخامة فيتعذر علينا مشاهدتها. هذا ما يقولونه باختصار. .
في عام 1996، قام فيزيائيان من جامعة هارفارد بمحاكاة ثقب أسود يمتلك كمية فائضة من الاضطرابات أو الإنتروبيا (entropy). سبق محاكاة الثقب نفسه عام 1976 من قبل كل من: يعقوب بيكينستاين Jacob Bekenstein، و ستيفن هوكينغ Stephen Hawking. لكنهما لم يستطيعا معرفة السبب الكامن وراء امتلاك الثقب الأسود لإنتروبيا كبيرة جداً. .
والإنتروبيا مفهوم علمي يشير إلى الفوضى والعشوائية. ويعود أصل الكلمة إلى اللغة اليونانية، ويعني: (التحول). .
تحاول نظرية الأوتار إيجاد صيغة للتوفيق بين ميكانيكا الكم ونظرية النسبية العامة. وتحاول أيضاً تحقيق أهم أهداف الفيزياء، التي تسعى لتوحيد القوى الأساسية في الكون. وهي:-
- قوة الجاذبية. .
- القوة الكهرومغناطيسية. .
- القوة النووية الصغرى. .
- القوة النووية الكبرى. .
فالنظرية (الفرضية) ترى أن كل المواد وكل القوى صُنعت من مكون واحد، وأن الوحدة الأساسية لتشكيل المادة (أي الجسيمات) هي أوتار مُهتزة. وبإمكان كل وتر أن ينثني، ويطلق تردداته بطرق كثيرة ومختلفة، وبالتالي فإن الأنواع المختلفة من الجسيمات الأولية يمكنها أن تتذبذب مثل أوتار القيثارة، وكل نغمة تمثل جسيماً مختلفاً. فالكون في هذه النظرية عبارة عن سمفونية عملاقة. .
تطرح نظرية الأوتار الفائقة فكرة وجود الأبعاد الأخرى المكملة للأبعاد الأربعة المتمثلة بالطول والعرض والارتفاع والزمن. وترى ان الأبعاد الأضافية السبعة تلتف على بعضها البعض، ويتعذر فرزها والتعرف عليها بالعين المجردة. وإنما يمكن التمييز بينها من خلال ترددات الأوتار المهتزة. بمعنى انها شبيهة بالسلك الكهربائي الذي يبدو لنا ببعد واحد، لكنه بالنسبة لكائن صغير جداً ذو شكل اسطواني. أي له ثلاثة أبعاد. .
لم يفصحوا حتى الآن عن خصائص الأبعاد المضافة، والتي قالوا انها ( 11 ) بعداً. وقالوا أيضاً انها ( 26 ) بعداً. وربما أكثر. وبالتالي مازلنا ندرك أبعاد الطول، ونعرف العرض، ونعرف الارتفاع، ونعرف الزمن. بينما ظلت الأبعاد الأُخر مجهولة وغامضة وغير مرئية، واصبح الحديث عنها أشبه بالثرثرة الصاخبة ذات الأبعاد المتشعبة في كل الاتجاهات . .