بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
بدأت أؤمن بمعتقدات الذين يروّجون لقيام الساعة وظهور المخلص ، فعندما أتأمل ما يجري على الأرض العراقية من عجائب وغرائب يسحق فيها الحق ، وتداس الفضيلة بالأقدام ، وتنتصر الرذيلة ويشمخ السماسرة والمزورون في كل المواقع ، فأذعن برغم علمانيتي بمعتقدات الطرف الآخر ، وأقول حقا إن ساعة القيامة قد إقتربت ، وهم كما يدعون فإنتصار الدجالين هو من علامات الساعة .!
وما أقول ليس إدعاء ، بل وقائع يدركها المواطن العراقي ، وسجلتها المنظمات الدولية ، فبعض الذين يتربعون على السلطة من الوزراء وفوقهم أيضاً وحتى أدنى موقع وظيفي ، يجسد بما لا يقبل الشك الفوضى والمحاصصة وإستغفال الشعب وسرقة المال العام ، ويقترن مع ذلك في هذا العصر الذي يسمونه ديمقراطياً من منظمات شبحية وقيادات وهمية ، همها الأول والأخير النصب والإحتيال .
وحين ندقق ملياً في المشهد نرى رايات ترتفع وأشخاصاً يتقدمون وآخرين ينسحقون ويتوارون عن الأنظار ، ونعرف جيداً أن الرايات دائما ترتفع للدجالين والراقصين على الحبال من أصحاب الأوراق والأقنعة المتعددة ، أما الذين يمثلون الشرف والفضيلة فتراهم في مواقف لا يحسدون عليها لا أحد يناصرهم وليس هناك من يسمع خطاباتهم وآراءهم ، فالكل إستساغوا المهرجان ، ووجدوا في الرذيلة ظالتهم في نهش ما يستطيعون به من مكاسب في عصر الفرهود الذي يسمونه كذباً عصر الديمقراطية .
أسماء وقصص عن بطولات وهمية ، هي المشهد الذي يطغي على الساحة العراقية ، فأبطال من دون بطولة ، وأشراف من دون مواقف ، ورجال بلا رجولة ، البعض منهم يتصدرون الواقع الآن ، والآخرون أعلنوا إنهزامهم ، فبعضهم من هرب إلى خارج البلاد ، والبعض الآخر إعتكف ليكتب مذكراته يعبر من خلالها عن هزيمة الفضيلة وإنتصار الرذيلة ، وهذا دليل على أن النخب تعوزها الوسيلة والتصدي .
لذلك كانت المعركة غير متوافقة بين عناصر تؤمن بإتباع كل الوسائل ، وآخرين إكتفوا بالحديث عن القيم والمبادئ من دون إدراك لمتطلبات المعركة لمحاربة الفساد وحاملي الرايات الحمر على طريقة عاهرات الجاهلية .
إننا في مفترق طرق بين النصابين والمتأقلمين ، وشرفاء يمتلكون الحقيقة ، وبعضهم جبناء للمجاهرة والبعض الآخر لا يمتلكون القوة في محاربة المفسدين ، وما دامت المعادلة قائمة فاقرأ السلام على ما نسميه عراقاً ديمقراطياً ، وحكومة تكنوقراط ، ومجتمعاً مدنياً من أصحاب الكفاءات والإختصاصات .
إن العصر أعلن عن نفسه بأنه حصراً للبهلوانات الذين يجيدون فن النصب والإحتيال ، وينتصرون في كل المواقف وعبر كل الأزمنة ، لأنهم يمتلكون أبرع فنون خداع الآخرين ، ولكن خصومهم عاجزون عن ملاقاتهم ، وهكذا ينبئنا التاريخ بأن شجاعة ونبل وعظمة ( علي ) لم تصمد أمام ألاعيب معاوية وحيلة عمرو بن العاص ، وصدق من قال إن التاريخ يعيد نفسه ، ولعلنا نطلب المستحيل بإنقاذ الموقف ، فكيف يمكن لنا أن نجد رجلاً صالحاً يحمل هم الناس ، في وقت نرى النفاق متجذراً في صدور رجال يحمل كل منهم ضمير ( علي ) ، ويطبق في ذات الوقت أساليب إبن أبي سفيان؟.
Fialhmdany19572021@gmail.com