بقلم: محسن الشمري ..
الشهادة الاولى(اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك)تمثل انتقال من الشرك والالحاد والوثنية الى التوحيد وعبادة الواحد الاحد وهذه الشهادة ثابتة لا تتغير ما دام الانسان في بحبوحة التوحيد والنبي ابراهيم(ع) واول من اطلق تسمية المسلمين على الموحدين كما في قوله تعالى:
[وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (الحج-78)]
اما الشهادة الثانية(اشهد ان ….عبده ورسوله)فانها تتغير مع كل نبي مرسل ياتي من الله الواحد الاحد فيضاف اسمه الى الشهادة الثانية(نبي مرسل+كتاب)كما في قوله تعالى:
[آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة285)].
وتكون الشهادة الثانية الخطوة الاولى على طريق الايمان والهدى التي يتبعها الالتزام بتطبق دين الله(الاسلام)من النبي آدم(ع)حتى قيام الساعة والثبات على صراط الهدى والتسليم للفوز بحسن العاقبة والرضوان،الفوز الذي ليس بعده ولا فوقه ولا اعلى منه من فوز.
ليس كل من كان موحدا(مسلما) كان من المؤمنين كما في قوله تعالى:
[قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (الحجرات-14)].
وكذلك ليس كل مؤمن ان يكون مسلما فالمؤمن(العامل بدين ملك من الملوك او مؤمن بفكرة معينه ويعمل بها وليس موحدا ولا يعمل بشريعة الواحد الاحد) فانه ليس موحد(مسلم) كما في قوله تبارك وتعالى:
[فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (يوسف-76)].
الاسلام يقوم على التوحيد والرحمة والعدالة والرحمة تكون الجسر الرابط ما بين التوحيد والعدالة ومن هذه الاسس الثلاثة تنتج امام المسلم عدة مسارات:
الاول:ان يكون الانسان موحدا لا يملك لا رحمة ولا شريعة تحقق العدالة بينه وبين الاخرين وهنا ولا بد ان تدركه رحمة الله تبارك وتعالى وعدالته فيتم القاء الحجة عليه كما في قوله تعالى:
[سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (فصلت-53)].
الثاني:ان يكون موحدا وقلبه كله رحمه لكنه لا يملك شريعة تحقق العدالة فان الله تبارك وتعالى لن يتركه بدون شريعة تصله على يد احد نبي مرسل او رسول من نبي مرسل كما في قوله تعالى:
[الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا(الاحزاب-39)] فينتقل من عنوان المسلم الضال الى المسلم المؤمن.
الثالث:موحدا وليس في قلبه رحمه وتغلب عليه الانانية الفردية او التعصب القبلي او الفكري ووصلته شريعة الله تبارك وتعالى من الله تعالى او من نبي مرسل او رسول من نبي؛لكنه يتعامل معها بانتقائية فيطبق جزء ويعطل جزء وينطبق عليه قوله تعالى:
[أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (الجاثية23)]،فلا يحقق العدالة بينه وبين الاخرين كما في قوله تعالى:
[وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)سورة المطففين]وفي هذا تفرعات كما يلي:
1-اذا كان حاكما فيبني مجده على حساب حقوق الاخرين ويموت مسلم ظالم ويُحشر وفي رقبته حقوق رعيته.
2-اذا كان حسودا فانه يسلك كل الطرق لنفث سموم الحسد وكما في قصة يوسف واخوته في قوله تعالى:
[قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(يوسف-5)].
3-ان يكون جشعا كما في قوله تعالى:
[قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩ (سورة ص-24)].
الرابع:ان يكون حاكما موحدا رحيما عادلا وهذا المسلم المؤمن الذي يريده الله تبارك وتعالى ومصاديقه في سيرة الانبياء الذين حكموا كما في قوله تعالى:
[حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ (19)سورة النمل].
الخامس:ان يكون راهب عندما يكون موحدا وقلبه كله رحمه لكنه يعتزل الناس خشية ان تكون معاملاته ملوثه مع الاخرين ليعتزل الناس منشغلا بتطهير نفسه دون اداء واجباته تجاه الناس بعدما اتته البينات كما قوله تعالى:
[ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (الحديد-27)]
وكذلك قوله تعالى:
[وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (الانبياء-87)]