بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
كلنا ندرك قذارة الحروب بكل ما تحمله هذه المفردة من كوارث ومآسي ومجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان. لكننا لم نتوقع ان تصل قذارتها إلى المستنقع الأسفل من الهمجية والوحشية والتهور والاستهتار، ولم يخطر على بالنا، ولا على بال ضحايا مستشفى المعمداني، ان تشترك البلدان المتحضرة (جداً) في إعطاء الضوء الاخضر لتسديد ضربة صاروخية مباشرة إلى المستشفى بكل من فيه من مرضى وجرحى وأطباء ومعالجين ولاجئين. ثم اشتركت أبواقهم الإعلامية في تبرير الفاجعة، وتزييف الوقائع، فقالوا ان الضربة جاءت من داخل غزة، وذلك على الرغم من انهم كانوا يتابعون مسار الصاروخ عن طريق اقمارهم الاصطناعية. وفي الوقت الذي تخبطت فيه قنواتهم الفضائية في فوضى التحليل والتضليل والتفسير والتبرير، وبيان فيما إذا كان الصاروخ قادماً من داخل غزة أم من خارجها. في هذا الوقت بالذات تواصل قيادة جيش الاحتلال توجيه إنذاراتها المتواصلة إلى بقية مستشفيات المدينة المحاصرة. تأمرها بالاخلاء الفوري، وتهددها بالنسف والتفجير بالطريقة التي قصفوا بها مستشفى المعمداني، بمعنى آخر ان قادة جيش الاحتلال اصدروا أحكامهم بإعدام الجرحى والمرضى والكوادر الطبية. الأمر الذي أضطر منظمة الصحة العالمية إلى إطلاق بيان مشدد ادانت فيه أوامر إسرائيل المتكررة بإخلاء 22 مستشفى تعالج أكثر من 2000 مريض في شمال غزة. .
لقد وضعت اسرائيل مستشفيات غزة كلها بين خيارين لا ثالث لهما: أما الاخلاء أو القصف. لكن تلك الإنذارات لا تسمعها الفضائيات المنحازة إلى إسرائيل، وتتعمد تجاهلها. وهي بطبيعة الحال تعلم إن الاجلاء القسرى للمرضى سوف يفاقم الكارثة الإنسانية والصحية.
وتعلم أيضاً أن حياة المرضى، وبخاصة أصحاب الحالات الحرجة يواجهون وضعاً حرجاً، وأن الراقدين في وحدات الرعاية المركزة، الذين يعتمدون على أجهزة التنفس الصناعي، والنساء اللاتي يعانين من مضاعفات الحمل اصبحوا مهددين بالموت. .
لقد تلقت إدارة مستشفى (العودة) الحكومي في شمال قطاع غزة بلاغات رسمية من الجيش الإسرائيلي بوجوب الإخلاء الكامل للمستشفى بما في ذلك المصابين والمرضى. وهذا يعني اننا سنشهد المزيد من القصف الصاروخي ضد المستشفيات. وسوف تواصل اوروبا تطبيق سياسة الكيل بمكيالين. .
وهكذا واصلت تهديداتها للمستشفيات، في ظل الدعم المطلق الذي منحته لها البلدان الاوروبية بقتل من تشاء ومتى تشاء وكيفما تشاء. .