بقلم: كمال فتاح حيدر ..
منذ اللحظة التي قصفوا فيها سيارات الاسعاف وقتلوا فيها الجرحى والمسعفين. وانا أشعر بحزن شديد وكآبة حادة، يراودني إحساس عميق بالإحباط والخذلان والحيرة . أشعر ان نومي أصبح خيانة. قهوتي في الصباح خيانة. لهفتي على بيتي خيانة. قلقي على أحفادي خيانة. .
اخواني وأبناء أمي وأبناء أمتي يقفون وحدهم. يخنقهم الحصار. بلا ماء وبلا دواء وبلا غذاء. تحوم حولهم طائرات مرعبة، تنهال فوق رؤوسهم صواريخ وقنابل فسفورية. يقفون وحدهم بإزاء اعتى وأشرس جيوش العالم وأكثرها همجية. .
بلا مدد. وبلا عدد. وبلا ناصر. وبلا معين. خذلتهم البلدان القريبة والبعيدة، وتكالبت عليهم وحوش وجيوش الإتحاد الأوربي. اتفقت الأطراف كلها على إبادتهم والتخلص منهم. . اين الزعيق من الذين تشيطنوا وسقوا البلاد الذبح والتفخيخا ؟؟.
تهدمت بيوتهم. تبخرت ممتلكاتهم. فقدوا مستمسكاتهم وأوراقهم الرسمية الثبوتية. لا جوازات ولا بطاقات تعريفية ولا سجلات مدنية. ليست لديهم وسيلة للتواصل مع بعضهم البعض. فقدوا اعز احبابهم. يهيمون في الليل على وجوههم بلا مأوى وبلا ملاذ. .
قال لي صديقي الذي يشاطرني الحزن انه تلقى قبل قليل رسالة من اخت له تذود هناك. تقول فيها: وين فزعتك يخوي, الاطفال بلا حليب. الموت يطاردنا في كل مكان. انهم يذبحوننا بلا رحمة وبلا سبب. لا ندري لماذا يذبحون أطفالنا. مخاوفنا لها أكثر من سبب، ولها أكثر من تفسير. وتنتظرنا موجات لا حصر لها من الآلام والمنغصات. .
كلمة أخيرة: الحضارات تأتي وتذهب ولكن الهمج باقون. . .