بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بعد كل هذا الدمار والتضحيات والخسائر والآلام. هل ستختلف الأوضاع في الأيام المقبلة عما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر ؟. وهل سيأتي الحل على يد البيت الابيض المنحاز إلى أبعد الحدود إلى الطرف المغتصب ؟. وكيف سيكون شكل المنطقة بعد توقف الحرب على غزة وبعد خرابها ؟. فوزير الخارجية الامريكية يتعامل بمجموعة من الافتراضات البعيدة عن الواقع معتمدا على نفوذ دولته في الشرق الاوسط، في الوقت الذي أصبحت فيه أيام بنيامين نتنياهو معدودة. بسبب الهزائم والاخفاقات التاريخية التي جلبها لحكومته، ولا تتوفر لديه الآن أية فرصة للافلات بجلده من هذه الاوضاع المربكة والمتدهورة ناهيك عن خسارته لقاعدته الشعبية. .
شيء آخر: ان السلطة الفلسطينية الهشة، بقيادة محمود عباس، المعروفة بضعفها وفسادها، و ولاءها لنتنياهو، فشلت فشلا ذريعا في تمثيل الفلسطينيين في الضفة وفي كل مكان، وفشلت في توفير الحد الادنى من مستلزمات الأمن والاستقرار لأبناء جلدته. وبالتالي لابد من اللجوء إلى انتخابات جديدة لا يشترك فيها (عباس) وزمرته. ولابد من خلق سلطة فلسطينية حقيقية وفاعلة ومقبولة من الشعب الفلسطيني المقهور. ولابد من ان يكون المجتمع الدولي عادلا بما يكفي لإعادة بناء قطاع غزة، وتعويض المنكوبين والمفجوعين وتحسين أوضاعهم البائسة. ولن يتحقق هذا المطلب في ظل المعايير المزدوجة التي تمسكت بها اوروبا وامريكا في الوقوف مع الطرف الاسرائيلي القوي ضد الطرف الفلسطيني المستضعف. ولن تكتمل الحلول الإنسانية إلا بالقاء القبض على نتنياهو واخضاعه لمحاكمة دولية عادلة باعتباره مجرم حرب. .
ولو افترضنا تحقق الحد الادنى من العدالة المنشودة، وتم استبدال السلطة الفلسطينية بسلطة موالية للفلسطينين وليس موالية لتل ابيب، وتكفلت القوى الدولية بحفظ السلام في غزة، وحصل الفلسطينيون على الاستقلال الكامل كدولة ذات كيان قوي مستقل لها حدودها البحرية والبرية، فإن أسس الصراع بين الطرفين ستظل قائمة. وسوف يظل الإسرائيليون غير راغبين في تقاسم القدس، ولن يسمحوا للفلسطينيين باستثمار مواردهم الطبيعية في حقل لفياثان الغازي الواقع في المياه الاقليمية الغزاوية. ولن يسمحوا لهم بالتنقيب عن النفط والغاز في أرضهم وارض أجدادهم. .
إن الرغبة الاسرائيلية في التدمير والتطهير العرقي التي تأكدت للقاصي والداني في الأيام الماضية توحي بأن الطرف اليهودي لديه توجهات عقائدية للانتقام. رغبات تعكس حقيقة مفادها أن الصراع الأساسي بين الصهاينة والفلسطينيين لم ينضج بعد للحل. وليس هناك من الأسباب ما يجعلنا نعتقد أنه عندما تنتهي الجولة الحالية من القتال، فإن الوضع سوف يكون أكثر ملاءمة للدبلوماسية. حيث لا ينبغي لحماس أن تخسر، وحتى لو خسرت، فإنها ستكون قد صقلت أوراق اعتمادها في المقاومة إلى الحد الذي يجعل تكلفة الصراع تستحق العناء. .
ختاماً: يبدو ان الشرق الأوسط برمته بحاجة إلى معجزة كونية. . .