بقلم: فالح حسون الدراجي ..
سألني الزميل المصمم عن موضوع مقالي ليوم غد، كي يهيء ويحضر الصورة المناسبة التي ستنشر مع المقال عادة..
فقلت له: مقالي سيكون عن (وجيه جبار داغر) ..
فقال متسائلاً: هل تعطيني معلومات عنه إن أمكن؟
قلت: هو أحد المرشحين في انتخابات مجالس المحافظات التي ستجري في الأسبوع القادم ..
قال مستغرباً : مرشح ؟!!
قلت : نعم مرشح، وماذا في الأمر ؟!
قال: لأن في الأمر (أمراً) مختلفاً، فأنا وكل الزملاء في الجريدة نعرف رفضك للدعايات الانتخابية على صفحات الجريدة، رغم أن في ذلك (الرفض) ضرراً مالياً يلحق بميزانية الجريدة، والعجيب ان موقفك هذا لم يتغير طيلة عشر سنوات، رغم إجراء عدة إنتخابات نيابية ومحلية خاصة بمجالس المحافظات .. فماذا تغير هذه المرة بحيث تكتب مقالاً افتتاحياً عن أحد المرشحين وليس نشر صورته في الجريدة فقط؟
فضحكت، وقلت له: أولاً ، نحن مازلنا ملتزمين بقرارنا الخاص بمنع نشر الدعايات الانتخابية في جريدة الحقيقة، على الرغم من الأضرار المالية التي تلحق بنا جراء ذلك، ورغم أن نشر الدعايات والصور الانتخابية أمر طبيعي جداً، بل ومعمول به في كبريات الصحف العربية والعالمية .. إلا أني أتحفظ على نشر الدعايات في جريدتنا، لأسباب عدة، منها: خشية الوقوع في اشكالية دعم (مرشح فاسد)، فنقوم بنشر صوره و(منجزاته) التي قدمها في ديباجة الاعلان، وفي هذه الحالة (نخون) قرّاءنا وجمهورنا الذي يعرف منهجنا الوطني، ويحترم خطنا السياسي.. ولا أخفي عليك، فقد سبق لنا وأن وقعنا في مثل هذا الخطأ في إحدى الانتخابات النيابية القديمة، حين روجنا لمرشح لم يكن أميناً ولا نزيهاً قط، ولم يشفع لنا جهلنا بحقيقة مفاسد ذلك المرشح، وحقيقة أن الإعلان مدفوع الثمن، وقد روجت لذات المرشح صحف أخرى أيضاً، ولكننا اعترفنا بخطئنا ..وكان قرار الامتناع عن القيام بأي دعاية، أو الترويج لأي مرشح في المستقبل، قراراً جماعياً اتخذناه وتبناه الزملاء جميعاً، وطبقناه بصرامة !
فقاطعني المصمم قائلاً: لكنك غيرت رأيك اليوم، في قضية دعم المرشح داغر، فماذا حصل رجاءً ؟
قلت له: سأقول لك أولاً وبصدق تام، إن المرشح وجيه جبار داغر معروف لديّ، ولدى عدد كبير من الرفاق والأصدقاء، فهو شخص واضح جداً، وليس لديه ما يخفيه عن الناس، بمعنى أنه مضمون جداً، لذا فإن من يدعمه، أو ينتخبه، سينام مطمئناً، وواثقاً من خياره..ناهيك من أن وجيه داغر، هو مناضل ذو تاريخ نضالي مضيء، تعرض بسبب مواقفه الوطنية للاعتقال والسجن على يد النظام البعثي الصدامي وبهذا يستحق الدعم. وهو وكما معلوم للجميع، شخصية اجتماعية لها وزن وحضور فاعل في الأوساط الطبقية والشعبية ..
وأكملت حديثي للزميل المصمم قائلاً: ولأنه رجل نزيه وشريف، فإن القيم والمبادئ الوطنية والمهنية تحتم علينا دعم هكذا مرشح، خاصة وأن الرجل (كادح) لايملك (الدولارات) الخضراء لكي يدفعها لأصحاب الدعاية الإعلامية، ولا يملك قطع الأراضي ليوزع سندات تمليكها على الناخبين مثل الكثير من المرشحين المتنفذين في الدولة، ولا توجد في بيت هذا الرجل (مشاجب سلاح) يهدي منها المسدسات لمن يضمن له صوته.. فضلاً عن أن وجيه جبار داغر، لا يقدم لناخبيه وعوداً وردية زائفة، كالتعيين والترفيع والترقية والنقل، ولا يعطي الهدايا، مثل تلفونات الآيفون وغيرها، فهذا الرجل لايملك أساساً هذه الامتيازات، وحتى لو كان يمتلكها فعلاً، فهو لن يمنحها خارج القانون، ولا يعطيها لأحد دون حق، بل ولا يفكر فيها أبداً.. وهنا صاح الزميل المصمم: استاذ الله يرحم والديك، لعد ما تگلي شنو عنده، ومنو اللي راح ينتخبه، إذا كلشي ما ينطي، وكلشي ما عنده ؟!
فقلت له: لاعزيزي، الرجل (مو ما عنده أي شيء): بل عنده الكثير من الأشياء التي يستطيع أن يقدمها للناس، فهو يملك نصاعة اليد، وعفة النفس، وطهارة السيرة والخلق، ونزاهة الـ….فقاطعني وقال: هل هو شيوعي؟
قلت: نعم هو شيوعي، وكادر من كوادر الحزب، بل وسكرتير محلية الثورة، ولديّ الكثير من الأدلة على نزاهته و … !!
فقاطعني قائلاً: العفو استاذ لا تكمل رجاء، مادام هو شيوعي فما يحتاج إلى أي دليل او برهان، لأن الشيوعيين معروفون بنزاهتهم ونصاعة أيديهم، وهذا ثابت تاريخياً وبالتجربة.. لذا أتمنى على حضرتك أن تحدثني عن وظيفته، وعمله وتحصيله الدراسي حتى تصير عندي فكرة ..؟
قلت له: هو ابن مدينة الثورة، يعني ابن النضال والتضحيات، والضيم والفقر والقهر والعوز والتهميش، وابن الصبر والتحمل والتجلد، وابن المجابهة والمواجهة والتحدي والعناد الثوري.. ورغم كل ظروفه القاهرة، ومرارة سنوات الاعتقال التي مرّ بها، فإن المناضل والمكافح وجيه جبار داغر الساعدي، لم يتوقف عن سعيه الدائم لتحقيق طموحاته، بحيث لم يكتف بمرحلة دراسية واحدة، ولا عند حقل علمي معين، إنما مضى بطريق الاجتهاد والمعرفة العلمية، فنال أولاً شهادة البكلوريوس/ قسم الكيمياء من كلية العلوم… ثم راح يواصل دراسته مساءً في كلية طب النهرين لينال شهادة دبلوم عالي كيمياء حياتية سريرية .. ولكن وبعد هذا، هل توقف الطموح لديه، أو استراح ولو قليلاً من تعب نهارات الدراسة، وسهر لياليها الطويلة؟!
الجواب: لا طبعاً، فمن كان مثله لن يستريح ولن يتوقف عن السعي أبداً، إذ كيف يستريح من خُلق أن يكون مكافحاً ومناضلا ؟
نعم، فقد واصل وجيه داغر تعليمه ومضى نحو الدراسات العليا، ليحوز ويفوز بشهادة الماجستير في تخصصه ذاته، ولكن هذه المرة نالها من كلية طب بغداد .. نعم كلية طب بغداد بكل ما في هذا العنوان من وهج وضوء ورصيد علمي واجتماعي ..
قال: وماهو عمله الحالي؟
قلت: يعمل حالياً بوظيفة مدير مختبر في مستشفى الزهراوي.. كما يمارس أيضاً عمله – كمتطوع -في هيئة الشهيد بشار رشيد / العيادة الطبية / بمعية الدكتور عماد …
وهنا صاح زميلي المصمم
: ياسلام ياسلام .. ما هذا الرجل، وما هذه الروعة، إننا أمام مرشح (مختلف ) فعلاً، مع كامل احترامي وتقديري لجميع المرشحين الآخرين .. ودعني أقسم لك بكل مقدساتي، إن مثل هذا الرجل لا يستحق ان تعطيه صوتك الانتخابي فحسب، إنما تعطيه ضوء عينيك إن تطلّب الأمر أيضاً.. ولكن، وقبل أن أبحث عن صورته لنضعها مع المقال، هل ممكن أن تذكر لي رقم قائمته، او رقم تسلسله؟
قلت: هو من تحالف (قيم المدني)، ذلك التحالف الذي قدم برنامجاً وطنياً فائقاً، وضم مرشحين ومرشحات وطنيين نزيهين، يستحقون كل الإعجاب والتقدير..
ورقم القائمة ( 203)، أما رقم تسلسل (مرشحي) الشخصي وجيه جبار داغر الساعدي، فهو (31 ).. ولكن قل لي من فضلك لماذا تطلب ارقام قائمته وتسلسله ؟ فقال ضاحكاً: طبعاً حتى ننتخبه آني وعائلتي ؟
قلت له: عذراً عزيزي، فما توقعت منك ذلك، لسبب بسيط هو أن وجيه داغر رجل شيوعي، وأنت حسب معلوماتي مو شيوعي !!
فأجابني المصمم جواباً أسكتني وحسم المقال، حيث قال: صحيح آني مو شيوعي، لكني أحترم الشيوعيين جداً، وأثق بهم وبتاريخهم النضالي، وأقسم لك بالله العظيم، إذا ما استلم الشيوعيون دفة الحكم يوماً ما، أو أن يكونوا شركاء في صناعة القرار الوطني العراقي، سواء في البرلمان أو في مجالس المحافظات، خصوصاً وأن لديهم الكثير من المرشحين الوطنيين، المهنيين، والأقوياء النزهاء أمثال المكافح والمناضل وجيه جبار داغر، ورفاقه الآخرين، إضافة إلى الكثير من العناصر الوطنية النزيهة التي تضمها بعض القوائم السياسية الأخرى أيضاً، فسيكون وضع العراق مختلفاً تماماً.. ويكمل زميلي المصمم حديثه قائلاً: ثق يا أبا حسون، لو تحقق لنا هذا الأمر، لما رأيت أطفال (حي طارق) وبقية الأحياء الفقيرة الأخرى، ياكلون من براميل وحاويات القمامة، ولا كنا سنرى لصوصاً بلا عقاب ولا حساب، ولا فاسدين يسرحون ويمرحون، ولا
سنسمع بـ (سرقة القرن) أو (سرقات الگرن) !!