بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تُعبّر (المظلومية) في كل زمان ومكان عن بشاعة الجرائم التي ترتكبها جماعة من الطغاة المتوحشين لإستكمال مسلسل الجرائم التي ارتكبها اسلافهم من الطغاة ضد فئة بعينها من الناس لأسباب عرقية أو طائفية وبدوافع انتقامية، وما أكثر الشعوب التي وقعت عليها المظلوميات في فترات متعاقبة ومتلاحقة من الماضي. فما نراه اليوم في غزة، وفي كل مكان من الأرض المحتلة، هو صورة حية لمظلومية من نوع مستحدث نعيش تفاصيلها المؤلمة حتى الساعة منذ 1948. فالمجازر اليومية التي يرتكبها النتن جاءت مكملة لجرائم بن غوريون وشارون وشامير ومائير. في الطنطورة، وباب العمود، ويافا، ودير ياسين. وهو الآن يرتكب مجازره المدعومة أمريكياً وأوروبياً في جباليا، وخانيونس، ودير البلح، والشجاعية، وبيت لاهيا، وبيت حانون، ورفح. .
فالمظلومية التي وقعت هنا في غضون شهر واحد أبشع عشرات المرات من مظلومية البوسنة والهرسك، وتمثل صورة واضحة لحملات الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، على غرار حملات الإبادة التي ارتكبها الصرب في سربرنيتسا. .
هناك تركيز اسرائيلي متواصل على قتل المزيد من المدنيين، حتى امتلأت المقابر بقوافل الشهداء. . لا أهداف عسكرية في غزة، فالغارات اليومية لا شغل لها سوى استهداف الأحياء المأهولة والأسواق والمدارس والمستشفيات بمن فيها من مرضى وجرحى وأطباء. وظلت الهجمات الموجهة ضد الأبرياء مستعرة في كل شبر من بقاع غزة. بينما اشتركت حكومة السيسي وحكومة الأردن في فرض الحصار على سكانها. وفي مواصلة الدعم للنتن ياهو. .
قمة الذل والهوان أن يتهافت الغرب نحو تقديم المساعدات الحربية لاسرائيل، بينما يتعمد العرب حرمان اشقاءهم من الماء والخبز والدواء. .
ما يحدث الآن هناك لم يكن ليحدث لولا الولايات المتحدة واعوانها. فهي الممول الأول لحملات الإبادة الجماعية، وهي التي تواصل الآن دعمها بالمال والسلاح، وقد لعبت هذا الدور الأجرامي منذ عام 1950، وكانت هي المصدر الأقوى لسلاح اسرائيل بنسبة 89%، وارسلت الآن اكبر الشحنات عبر الجو والبحر. .
عندما تتكلم الولايات المتحدث عن مساعداتها لاسرائيل فهي تتكلم بلغة القنابل والصواريخ والفرقاطات، ولا تكتفي بتسليحها، وإنما بدعمها سياسيا لتغطية جرائمها في مجلس الأمن. ولم يكن لهذه المظلومية ان تقع لولا الدعم السخي الذي تقدمه لاسرائيل، ولولا تآمر مصر والأردن على غزة. .
بات واضحا ان الولايات المتحدة الأمريكية، وبكل ما أوتيت من قوة، هي التي تدعم النتن بكل شيء، وهي التي أرغمت الإتحاد الأوروبي على مشاركتها في حملات الإبادة. وهي التي وضعت مضخاتها الإعلامية في خدمة السرديات الصهيونبة الملفقة. .
كلمة أخيرة: لقد استشهد بائع الخبز في غزة، واستشهد معه بائع حليب الأطفال، وتلاميذ الروضة، ومديرة المدرسة. ومعلمة الحساب، استشهدوا كلهم في قوافل متلاحقة، إلا بائع فلسطين مازال على قيد الحياة، وفي صدارة المشهد. . .