بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لم تكن حياتنا قاسية، لكننا نحمل قلوباً نقية في مواجهة عالم رمادي لا يعرف سوى الأقنعة. فعلى الرغم من المشاهد الانتقائية التي تنقلها لنا الفضائيات (الجزيرة X العربية) عن الهجمات والاشتباكات والحمم المتساقطة فوق رؤوسنا. اصبح الرأي الجمعي على قناعة تامة بالسردية الأمريكية في التفسير والشرح والتحليل المنحاز دائما وأبدا إلى المعسكر الأقوى. .
اما لماذا اخترنا مفردة (انتقائية) في توصيف اللقطات المتلفزة ؟، فذلك يعزى إلى سياسة التشويش والتضليل التي تمارسها السلطة الرابعة في التعامل مع العقل العربي. .
نذكر (مثال على ذلك) ان قناة (الجزيرة) ترفض توغل القوات الاسرائيلية في قطاع غزة، لكنها لا ترفض توغل القوات نفسها في ريف دمشق، بينما ترى قناة (العربية) العكس. .
ومثال آخر: المشايخ الذين وقفوا ضد كتائب القسام في غزة، لكنهم هرعوا لدعم تحركات الدواعش في سوريا، وألقى الواعظ بسّام جرّار محاضرة يوم 14 / 12 / 2024 تجدونها منشورة على اليوتيوب، عبّر فيها عن تأييده لزحف الدواعش لإسقاط نظام الاسد المدعومين من القوى الغربية، لكنه لم يحتج ولم يعترض ولم يتطرق لسقوط القنيطرة وجبل الشيخ بيد الخياليم، ولم يناقش قرار جيش الغولاني بطرد عناصر منظمة التحرير من سوريا، وكان يعلم انهم قطعوا الإمدادات ومنعوا وصولها إلى عناصر المقاومة في جنوب لبنان. .
اما على الصعيد العام فلدينا نسبة عظيمة من العرب المبتهجين الفرحين باقتراب موعد تقسيم اوطاننا وتجزئتها. ناهيك عن أفراحهم بسقوط نظام الرجل الذي كان يساند الشعب الفلسطيني ويؤويه، ويساعد المقاومة اللبنانية. فقدم الثوار الجدد ولاءهم المطلق للاعداء، وطلبوا منهم تدمير القدرات العسكرية السورية، وسمحوا لهم بغزو دمشق واحتلالها، بدعوى أن وجود الغزاة وغاراتهم المستمرة بادرة خير على ثورتهم. .
كانت إسرائيل تتوق منذ سنوات للسيطرة على جبل الشيخ، وهي اليوم تسيطر على سوريا وفلسطين ولبنان والأردن، وتحظى بتأييد الغالبية العظمى من الجماهير العربية. .
كانت المليشيات المتعددة تطالب باسقاط النظام، فكان لها ذلك، لكنها لم تطلق رصاصة واحدة على الزناة الذين تسللوا لفراش ليلى العامرية . .
ماذا لو زحف اللبنانيون وهاجموا سوريا من جهة بلدة القصير ؟. ألا يسارع هؤلاء لمواجهتهم وقتالهم ؟. فما بالهم لا يسارعون الآن لمنع الذين يدحرجون كرة الثلج فوق قمة جبل الشيخ ؟. .
ختاما: قررت إسرائيل توسيع الاستيطان بالجولان، وهذا يتناسق مع توجهات الجولاني بأن سوريا لن تدخل في حرب اخرى، ويتناسق مع قرار الغاء التجنيد الإلزامي، ولا يجرح مشاعر اصحاب العقول المشوشة الذين لا يفرقون بين الجمل الناقة. .
ولله في خلقه شؤون. .