بقلم: كمال فتاح حيدر ..
أضحت الولايات المتحدة الأمريكية أول الساقطين في مزابل التاريخ، وذلك بسبب دفاعها المستميت عن المجرمين والقتلة والسفلة، فسقطت في شر أعمالها، وسقطت معها أقنعتها المزيفة، التي كانت تتوارى خلفها باسم الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان. واصبحت الآن سيدة الأرهاب بلا منازع، بينما أحتلت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا مراكز الصدارة في المربع الدموي. .
في خضم الغارات التدميرية التي استهدفت البشر والحجر في كل شبر من غزة، تطوعت المملكة الأردنية للعب دور الحارس الأمين المكلف بحماية المستوطنات اليهودية القريبة من حدودها، وتبرعت بدعم نشاطات القواعد الأمريكية الموجودة فوق ارضها، وتكفلت بنقل المؤن والمعدات والأسلحة إلى الكيان الصهيوني، واطلقت طائراتها لقصف المواقع التي قصفتها اسرائيل داخل الأراضي السورية. وفتحت معابرها لتسهيل حركة التبادل التجاري مع العدو، ثم جاءت زيارة الماكر (ماكرون) إلى قواته المتمركزة في قاعدة الرويشد الاردنية لتشكل صدمة لنا جميعاً، لأننا لم نكن نعلم بوجود هذه القاعدة المخصصة لحماية إسرائيل فوق الأراضي الأردنية. كان ماكرون يتصرف داخل القاعدة الأردنية وكأنه في حديقته الخلفية. .
ثم تحركت عصابات الاحتلال الإسرائيلي نحو محور فيلادلفيا على الحدود المصرية، بين غزة وسيناء، لتعطينا صورة ملونة عن تواطؤ حكومة العسكر في مصر في تنفيذ خطة متفق عليها مسبقا تسمح للعدو باحتلال معبر كرم أبو سالم، تمهيدا لعمليات التهجير القسري نحو متاهات الصحراء المصرية، وقد تلقت مصر بلاغاً عسكرياً من نتن ياهو عن تحركات عصاباته في منطقة الحدود، وانتقلت بالفعل خلف محور فيلادلفيا، وأكدت اسرائيل في بلاغها على وجوب إخلاء الحدود. وأنها غير مسؤولة عن سلامة أي جندي مصري في المناطق التي ستجتاحها بالطول والعرض. جاء البلاغ بصيغة الأمر من الأعلى إلى الأدنى: (اخلوا منطقة معبر رفح، لسنا مسؤولين عن سلامة قواتكم). .
أما على الصعيد الأوروبي فقد اعتذرت معظم البلدان عن المشاركة بعمليات (حارس الازدهار) تحت قيادة الأسطول الأمريكي المكلف بحماية السفن التجارية المتوجهة إلى اسرائيل في حوض البحر الأحمر. .
نذكر ايضاً ان النائبة البرلمانية الإيرلندية (كلير دالي) وجّهت نقداً لاذعاً لرئيسة المفوضية الأوروبية (أورسولا فون دير لاين)، واعتبرتها المسؤولة عن تأجيج الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة. وقالت النائبة الأيرلندية في كلمتها: (إن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هي المسؤولة عن المجازر في قطاع غزة). وأضافت في كلمتها: (أعتقد أنني سأعبر عن رأي العديد من المواطنين الأوروبيين عندما أقول: تباً لك يا سيدة الإبادة الجماعية). .
وفي السياق نفسه، ناشد رئيس الوزراء الإسباني زملاءه في الاتحاد الاوروبي بضرورة تحديد مواقفهم بوضوح وبصوت عال من ضراوة القصف العشوائي ضد المدنيين في غزة، مؤكداً على وجوب الاعتراف بحق الفلسطينيين بالعودة وحقهم المشروع في بناء دولتهم فوق ارضهم ووطنهم. في حين عبّرت رئيسة وزراء بلجيكا عن عزمها بفرض عقوبات ضد اسرائيل، وحظر استيراد منتوجاتها، وإلغاء الاتفاقيات المبرمة معها، ومحاسبة نتن ياهو وعصابته في المحكمة الجنائية، وتكليف لجان دولية للتحقيق في جرائم التطهير العرقي التي ارتكبتها العصابات الهمجية في غزة. بينما قالت وزيرة الخارجية الألمانية: (لا يمكن ان تعيش اسرائيل بأمان إلا إذا عاش الفلسطينيون بأمان). .
ختاماً وفي ضوء المتغيرات السياسية التي طرأت مؤخراً على المواقف الأوروبية هل شعرت بأي تحسن في مواقف منظمة الجامعة العربية التي يقودها ابو الغيط ؟. وهل تخلت مصر والأردن عن لعب دور الكومبارس الذليل الداعم لنتن ياهو ؟. وهل سمعت بفتوى مؤيدة للمقاومة من تلك الفتاوى التي كان يطلقها الداعمون لداعش ؟. أتدري لماذا ؟. حاول ان تكتشف السر بنفسك. . .