بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لو كان الحصار الذي أعلنه الحوثيون في باب المندب ضد السفن المتوجهة إلى موانئ جيبوتي أو موانئ السودان أو موانئ ارتيريا لما تحمست الولايات المتحدة، ولما تحركت باساطيلها وحاملاتها وغواصاتها، ولما وقعت هذه الفزعة التي قادها وزير الدفاع (لويد أوستن) في المنطقة. فجيوش امريكا وأوروبا تصطف دائماً ضد كل طرف يتسبب، عن قصد أو عن غير قصد، بازعاج إسرائيل، فما بالك عندما تُمنع سفنها من المرور والعبور من مضيق باب المندب ؟. .
اما الحصار القاسي الذي فرضوه كلهم (بضمنهم مصر والأردن) على قطاع غزة، ومارسوا فيه أبشع أساليب التجويع والتعطيش، فلن يعبء به أحد حتى لو استمرّ لسنوات وسنوات، ولن يطالب بكسره احد بضمنهم مجلس الأمن الدولي وجامعتنا العربية الداعمة للصهيونية. .
كان قرار الحظر الملاحي في باب المندب واضحا وصريحا، ولا يتقاطع أبداً مع حق المرور البريء للسفن التجارية مهما كانت جنسيتها أو وجهتها شريطة ان لا تكون اسرائيلية أو مملوكة لاسرائيليين أو متوجهة اليهم. .
وهناك شرط آخر ينبغي عدم تجاهله، وهو ان الحظر يرتبط بفك الحصار عن غزة، ويعكس رغبات الرأي العام العالمي. بمعنى ان النداء موجه إلى حكومتي مصر والأردن، وموجه أيضا إلى المنظمات الإنسانية حول العالم. فلم يستجب السيسي على الرغم من تأثر قناة السويس. بل إنهما (الأردن ومصر) سارعا لتسهيل حركة الشاحنات الداعمة لأسواق اسرائيل. وهتف الأردنيون في شوارع عمان: (يحكى أنّ كان يمكان – الخضرة طلعت من عمان). .
انظروا الآن كيف انتفضت الولايات المتحدة الأمريكية لنجدة الموانئ الاسرائيلية، وكيف تضامنت معها الأساطيل الأوروبية، وكيف تجمعت هنا من اجل عيون اسرائيل، وليس حرصا على ضمان حرية الملاحة الدولية. .
وبحسبة بسيطة نجد ان المعضلة لا تستدعي استنفار الأساطيل، ولا تتطلب تعزير المدمرات بالمؤن والذخيرة لضرب اليمن، أو لفتح جبهة أخرى يصعب التكهن بنتائجها. . فالمعادلة واضحة. طرفاها: حصار على غزة يقابله حصار على سفن اسرائيل في باب المندب. ارفعوا الحصار عن غزة فيُرفع الحصار عن باب المندب، وينتهي الأمر بلا مشقة وبلا عناء وبلا تكاليف باهضة، وبلا زوابع وتجاذبات. ويا دار ما دخلك شر. .
اما الآن فقد تصاعدت مؤشرات التوتر في البحر الأحمر بشكل غير مسبوق، بعدما كثف الحوثيون هجماتهم بالتزامن مع وصول مدمرة إيرانية الى خليج عدن برفقة سفن إيرانية أخرى للاستقرار قرب مضيق باب المندب. ثم جاءت المواجهات المباشرة ليلة رأس السنة بين الولايات المتحدة والحوثيين، والتي انتهت بإغراق 3 قوارب حوثية مع طواقهما بعد هجومهم على سفينة تابعة لشركة ميرسك الدنماركية. . .
اغلب الظن أن مسطحات البحر الأحمر ستشهد في العام الجديد صدامات حربية ستترك تداعياتها السلبية المؤثرة على قناة السويس وعلى الموانئ السعودية والأردنية والمصرية والسودانية والجيبوتية، وبات من المؤكد أنها السبب الرئيس بتعطيل نشاطات ميناء إيلات بالكامل. .
وللحديث بقية. . .