بقلم: فراس الحمداني ..
لعل أبرز القرارات التي أجمع عليها الأعضاء في جامعة الدول العربية هي القرارات الهزيلة التي يبدو ظاهرها داعماً لقضية الشعب الفلسطيني وباطنها يمثل ضوءاً أخضر للكيان الصهيوني ليستمر في جرائمه ضد العرب وتوغله في أراضيهم وضمه للمزيد منها وزجه للشباب المنتفض في السجون والمعتقلات وتهجيره للعزل وقتله للأطفال وحصاره الدائم لغزة والضفة وتعامله بفوقية مع القرارات الدولية التي تصدر لإدانته وسخريته من القادة العرب الذين لا يمكن توقع أي موقف منهم يشير إلى قوة قرار وشجاعة ورفض لتلك الممارسات وعبر عديد المقررات والمؤتمرات والإجتماعات والقمم التي في أصلها سفوح متاحة لأقدام الأمريكيين والأوربيين والصهاينة ، بل والمثير للسخرية أن قادة الكيان لا يلتفتون إلى أي موقف يصدر من العرب ويعقدون إجتماعات طارئة لمناقشة تداعيات الشكوى التي قدمتها جمهورية جنوب أفريقيا أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بإعتبار ما يقوم به جيش الكيان الصهيوني جرائم حرب وخشية نتنياهو وعصابته لمعرفتهم بجدية المشتكي ومواقفه الأخلاقية من القضية الفلسطينية ، فجنوب أفريقيا دولة عانت من الفصل العنصري والعنجهية البريطانية التي كانت تستعبد الزنوج وتمارس سياسة الإستيطان وتمليك الأراضي للبريطانيين البيض وتجعل من الشعب هناك خدماً وعبيداً في قصور ومزارع البيض الوافدين ، إلى أن تم طرد البريطانيين من هذه البلاد وإنهاء أبشع فصول العنصرية وعودة الأرض والثروات إلى أهلها لنجد دولة عظيمة ناهضة في أقصى جنوب القارة الأفريقية وتتحول جوهانسبيرغ إلى قبلة للسياسة والإقتصاد والديمقراطية ليتكلل كفاح نيلسون مانديلا إلى واقع وتغيير شامل ويخلد بوصفه الزعيم التاريخي لتلك البلاد .
ولأن ما يجري في فلسطين من سياسة تمييز عنصري وديني وإستيطان وسلب للحقوق شبيه بما عاناه شعب جنوب أفريقيا فمن الطبيعي أن يفهم الأفارقة ما يقوم به الصهاينة ويفهمون سبب الدعم الغربي للكيان خاصة وإن هذا الغرب هو إستعماري وعنصري وناهب للخيرات ، فالأشرار يساندون بعض ويحققون ما يريدون خاصة مع ضعف الأخيار وتفرقهم وتمزق آرائهم وعدم قدرتهم على تحقيق إجماع في قضاياهم المصيرية ومثالهم العرب الذين تمكنوا من تحقيق الإجماع الكامل حين قامت الولايات المتحدة الأمريكية بغزو العراق عام 1991 والغزو الأخير عام 2003 وجعلوا من بلدانهم قواعد إنطلاق للجيوش والطائرات التي كانت تقصف وتدمر البنية التحتية للشعب العراق ثم لم يحرك العرب ساكناً بل باركوا الحصار الظالم الذي فرض على العراقيين طوال إثني عشر عاماً تحول فيها الأطفال إلى أجساد ناحلة وعظام هشة وأمعاء فارغة وكانت جنائزهم تمر في شوارع بغداد أمام أنظار العالم والعرب وحتى صدام الذي حاول أن يجعل من مصائب العراقيين وجوعهم ومرضهم وسيلة للضغط على الرأي العام العالمي لتغيير مواقف وإستجداء قرارات لم تأت أبداً إلى أن غزت واشنطن العراق وأسقطت النظام فيه وكان العرب وكالعادة في مقدمة الصفوف لتدمير العراق الذي واجه محنة التفجيرات والإرهاب أمام أنظار العرب والجامعة العربية التي كانت مترددة في توفير الإجماع على عودة السفارات والبعثات الدبلوماسية إلى العراق بل وساهمت في إستمرار عزلة العراق أمام العالم وتعقيد مهمة عودته إلى الساحة العربية والجامعة العربية وفرض نفسه بالقوة والشجاعة والصبر وإنتصر لوحده على داعش والقاعدة والإرهاب وفرض إحترامه عليهم وصاروا يجاملون ويتملقون حين وجدوه لا ينكسر ولا يقهر .
الجامعة العربية مؤسسة لا قيمة لها بلا قوة ولا قرار ولا حضور ولا تأثير وهي تستجدي حضور أعضائها وكانت قراراتها فاضحة حين أستسلمت لمواقف أعضاء فيها حين أبعدت سوريا عن إجتماعاتها ثم عادت صاغرة لتعيد عضوية دمشق وتستقبل الرئيس الأسد في إجتماعاتها وتحاول تحقيق إجماع في بعض القضايا بل أخشى أن يأتي اليوم الذي. تقرر الجامعة العربية إعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وتقرر نقل سفارات الدول العربية من تل أبيب إلى القدس . يسووها العرب !! . Fialhmdany19572021@gmail.com