بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اللافت للنظر ان أبواق حكومة العسكر في جمهورية مصر العربية صارت تقدم نشراتها الإعلامية بكلمات ومواضيع موحدة ومتطابقة تماماً، وذلك على الرغم من اختلاف اداراتها واختلاف أقمارها الاصطناعية. فالحديث الذي يتناوله (أحمد موسى) صباح اليوم هو نفس الحديث الذي تتناوله (لميس الحديدي) مساء اليوم نفسه، وعلى هذا المنوال تسمع الكلام المعاد على لسان يوسف الحسيني، أو أبراهام عيسى، أو عمرو أديب، أو بصوت أي بوق من تلك الأبواق المملة. حتى يخال إليك أنهم يقرأون رسالة يومية يتلقونها من جهة رسمية تحدد لهم المواضيع، وترسم لهم السيناريوهات، وتضبط لهم التوقيتات ودرجات الصوت والصورة. ثم وقعت احداث غزة فتصاعدت تغريدات الببغاوات بنغمتين متوازيتين:-
- نغمة مخصصة للحملات القاسية والهجمات المتوالية ضد قادة المقاومة في غزة. والتي تتراوح بين اللوم والتقريع والشماتة. .
- ونغمة تبذل قصارى جهدها لكي تسوق لنا عبد الفتاح السيسي كرمز من رموز المقاومة والنضال الحربي، فهو المجاهد الملهم، والبطل المغوار. القادر على تحقيق الانتصارات المؤزرة ضد الاعداء، من دون ان يحددوا هوية الاعداء المزعومين. .
ومازلنا نسمع النغمات نفسها، وبالتردد نفسه على الرغم من الدور الخطير الذي لعبته مصر في إغلاق بوابات معبر رفح، وعلى الرغم من تقهقر قواتها أمام زخوفات جيوش الاحتلال في عبورها العلني لمحور فيلادلفيا، وعلى الرغم من اسقاطها الطائرة الحوثية المتوجة نحو تل ابيب، وعلى الرغم من تدفق شحنات المواد الغدائية في رحلات مكوكية بين الموانئ المصرية والاسرائيلية. .
لم تتحدث تلك الببغاوات عن أزمات مياه النيل وتداعيات سد النهضة. ولا تتحدث عن هبوط اداء قناة السويس، وارتفاع الأسعار، وتراجع الجنيه أمام الدولار. .
ختاماً: سيكون انجازا هائلا للعرب يوازي الهبوط على سطح القمر لو ان السيسي فتح بوابات معبر رفح وسمح بوصول الغذاء والماء والدواء لسكان غزة. لا احد يريد منه دخول الحرب، ولا احد يريد منه تزويد المقاومة بالذخيرة والسلاح. فكل المطلوب منه الآن ان يسمح بإرسال شحنات الغذاء إلى غزة مثلما يسمح بأرسالها إلى ميناء حيفا. .